للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دعجٌ: قَالَ اللَّيْث: الدَّعَج: شدّة سَواد (سوادِ) الْعين وَشدَّة بَيَاض بيَاضها؛ عينٌ دعجاء، وامرأةٌ دَعْجاء، ورجلٌ أدعج بيِّن الدَّعَج. وَقَالَ العجاج يصف انفلاق الصُّبْح:

تسُور فِي أعجاز ليلٍ أدعجا

قَالَ: جعل اللَّيْل أدعج لشدَّة سوَاده مَعَ شدّة بَيَاض الصُّبْح.

قلت: وَقد قَالَ غير اللَّيْث: الدُّعجة والدَّعَج سوادٌ عامٌّ فِي كلِّ شَيْء. يُقَال رجل أدعج اللَّوْن، وتيسٌ أدعج القرنين والعينين. وَقَالَ ذُو الرمة يصف ثوراً وحشياً وقرنيه:

جرى أدعج الروقَين والعَينِ واضحُ ال

قَرَا أسفع الخدَّين بالبين بارحُ

فجعلَ القَرْنَ أدعجَ كَمَا ترى.

قلت: وَرَأَيْت فِي الْبَادِيَة غليِّماً أسود كأنّه حُمَمةٌ، وَكَانَ يسمَّى نُصَيراً ويلقَّب دُعيجاً، لشدّة سوَاده.

وَقَالَ أَبُو نصر: سَأَلت الأصمعيّ عَن الدَّعَج والدُّعجة فَقَالَ: الدَّعَج: شدّة السوَاد، ليلٌ أدعج وَعين دعجاء بيِّنة الدعَج والدُّعْجة فِي اللَّيْل: شدةُ سوَاده.

قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَالَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي الدَّعج إنّه شدّة سَواد سوادِ الْعين مَعَ شدَّة بَيَاض بياضها، خطأٌ مَا قَالَه أحدٌ غَيره.

وأمّا قَول العجاج:

فِي أعجازِ ليلٍ أدعجا

فَإِنَّهُ أَرَادَ بالأدعج الليلَ المظلم الْأسود.

جعد: قَالَ اللَّيْث: الجَعْدة: حشيشة تنبُتُ على شاطىء الْأَنْهَار خضراء، لَهَا رَعْثة كرعثة الديك طيِّبة الرّيح تنْبت فِي الرّبيع وتيبس فِي الشتَاء؛ وَهِي من الْبُقُول.

قلت: الجعدة بقلة بِرّيّة لَا تنْبت على شطوط الْأَنْهَار، وَلَيْسَ لَهَا رَعْثة.

وَقَالَ النَّضر بن شُميل: الجَعْدة: شَجَرَة طيّبة الرّيح خضراء، لَهَا قُضُب فِي أطرافها ثَمَر أَبيض، يُحشَى بهَا الوسائد لطيب رِيحهَا، إِلَى المرارة مَا هِيَ، وَهِي جهيدةٌ يصلُح عَلَيْهَا المَال، واحدتها وجَماعتها جَعدة.

وأجاد النَّضر فِي صفة الجعدة.

وَقَالَ النَّضر أَيْضا: الجعاديد والصعارير أوّل مَا ينفتح الإحليل باللبأ، فَيخرج شيءٌ أصفر غليظ يَابِس، وَفِيه رخاوة وبلل كأنّه جُبْن، فيندُصُ من الطُّبْي مُصَعْرَراً، أَي يخرج مدحرجاً.

وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو حَاتِم فِي الصَّعارير والجعاديد. وَقَالَ: يخرج اللبأ أولَ مَا يخرج مصمِّغاً. وَقَالَ فِي كِتَابه فِي (الأضداد) : قَالَ الْأَصْمَعِي: زَعَمُوا أَن الجعدَ السّخيُّ. قَالَ: وَلَا أعرف ذَلِك، والجعد: الْبَخِيل، وَهُوَ مَعْرُوف. قَالَ: وَقَالَ كثيِّر فِي السخيّ كَمَا زَعَمُوا يمدح بعض الْخُلَفَاء:

إِلَى الْأَبْيَض الْجَعْد ابْن عَاتِكَة الَّذِي

لَهُ فضل مُلكٍ فِي الْبَريَّة غالبُ

قلت: وَفِي أشعار الْأَنْصَار ذِكرُ الجعدِ وُضِعَ موضعَ الْمَدْح، أبياتٌ كَثِيرَة، وهم من أَكثر الشُّعَرَاء مدحاً بالجعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>