للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعَيَّرَ رَجُلٌ عبدَ الله بن الزُّبيرِ بأُمِّه فَقَالَ: يَا ابْنَ ذَات النِّطَاقَيْنِ، فتمثل بقول الهُذْلِيِّ:

وتِلْكَ شَكاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُها

أَرَادَ أَنَّ تعييرِه إيَّاه بأنَّ أُمَّه كَانَت ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ لَيْسَ بعَارٍ، وَمعنى قَوْله: (ظَاهِرٌ عَنْك عَارُهَا) أَي نابٍ، أَرَادَ أنَّ هَذَا لَيْسَ بعَارٍ يُتَعَيَّرُ مِنْهُ ويُنْتَفى لأنَّه مَنْقَبَةٌ لَهَا، أنَّها إنَّما سُمِّيت ذَات النِّطَاقينِ لِأَنَّهُ كَانَ لَهَا نِطَاقَانِ تَحْمِلُ فِي أحَدِهمَا الزَّادَ إِلَى أَبِيهَا وَهُوَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الغَارِ وَكَانَت تَنْتَطِقُ بالنِّطَاقِ الآخرِ، وَهِي أَسْماءُ بنت أَبي بكر الصِّدِّيقِ رَضِي الله عَنهُ.

أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة قَالَ: بِهِ شَكَأٌ شَدِيد: تَقَشُّرٌ، وَقد شَكِئَتْ أصابعُه، وَهُوَ التقشر بَين اللَّحْم والأظفار شَبيه بالتشقق.

وَيُقَال: للبعير إِذا أتْعَبَهُ السَّيْرُ فمدَّ عُنُقَه وكَثُرَ نَحِيطُه: قد شكَا. وَمِنْه قَالَ الراجز:

شَكَا إلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى

صَبْراً جُمَيْلُ فكِلَانَا مُبْتَلَى

وَيُقَال: شَكَا يَشْكُو شَكْواً، على (فَعْلاً) وشَكْوَى، عَلَى (فَعْلَى) .

وَقَالَ اللَّيْث: الشَّكْوُ: المرضُ نفسهُ. وأَنشد:

أَخ إنْ تَشَكَّى مِنْ أَذًى كُنْتَ طِبَّهُ

وإِنْ كَانَ ذَاكَ الشَّكْوُ بِي فَأَخِي طِبِّي

(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لِمِسْكِ السَّخْلَةِ، مَا دَامَتْ تَرْضَعُ: الشَّكْوَةُ، فإذَا فُطِمَ فَمَسْكُهُ: البَدْرَةُ، فَإِذا أَجْذَعَ فَمَسْكُهُ: السِّقَاءُ.

وَقَالَ أَبُو يَحْيَى بنُ كُنَاسَةَ: تقولُ العربُ فِي طُلُوع الثُّرَيَّا بالغَدَوَاتِ فِي أول القَيْظ:

طَلَعَ النَّجْمُ غُدَيَّهْ

ابْتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّهْ

والشُّكَيَّةُ: تَصْغِيرُ الشَّكْوَةِ وذلكَ أَن الثُّريَّا إِذا طلعتْ هَذَا الوَقْتَ من الزمانِ هَبتِ البَوَارِحُ ورَمِضَتِ الأرْضُ وعَطِشَ الرُّعْيَانُ فاحْتَاجُوا إِلَى شِكَاءٍ يَسْتَقُونَ فِيهَا لِشِفَاهِهِمِ ويَحْقِنُونَ اللَّبَنَ فِي بَعْضِهَا لِيَشْرَبُوهُ بارِداً قَارِصاً.

يُقَال: شَكّى الرَّاعِي وتَشَكّى إِذا اتّخَذَ الشَّكْوَةَ.

وَقَالَ الشَّاعِر فِي شَكّى الرَّاعِي مِنَ الشَّكْوَة:

وحَتّى رَأَيْتُ العَنْزَ تَشْرَى وشكَّت ال

أَيَّامى وأضحى الرِّئمُ بالدَّوّ طاويا

وشَكّتِ الأيَامى إذَا كَثُرَ الرِّسْل حَتَّى صارتِ الأيِّمُ يَفْضُلُ لَهَا لَبَنٌ تَحْقِنُهُ فِي شَكوتِهَا.

ابْن السّكيت: فلانٌ يُشْكَى بِكَذَا وَكَذَا أَي يُزَنُّ ويُتَّهَمُ. وَأنْشد:

قالتْ لَهَا بَيْضَاءُ من أَهْلِ مَلَلْ

رَقْرَاقَةُ العَيْنَيْنِ تُشْكَى بالغَزَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>