للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاحِدَة، وَلكنهَا تخْتَلف أسماؤها، وتكرم مَنَابِتُها؛ فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلَّةِ الْجَبَل فَهُوَ النَّبع، وَمَا كَانَ فِي سفحه فَهُوَ الشّريان، وَمَا كَانَ فِي الحضيض فَهُوَ الشوْحَط.

والشِّريانات: عُروقٌ رِقاقٌ فِي جَسَد الْإِنْسَان.

أَبُو سَعيد، يُقَال: هَذَا شرْوَاهٌ وشَرِيَّةٌ، أَي مِثْلُه، وَأنْشد.

وتَرَى مَالِكاً يقولُ أَلَا تُبْ

صِرُ فِي مَالكٍ لهَذَا شرِيّاً

وَفِي حَدِيث أُمِّ زَرْع أنَّها قَالَت: طَلَّقَني أَبُو زرع، فَنَكَحْتُ بعده رجلا سَرِيّاً، رَكِبَ شرِيّاً، وأَخَذَ خَطِّيّاً، وأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَماً شرِيّاً.

قَالَ أَبُو عُبيد: أَرَادت بقولِهَا: رَكِبَ شَرِيّاً، أَيْ فرسا يَسْتَشْرِي فِي سَيْره. أَي يَلِجُّ ويَمْضي فِيهِ بِلَا فُتور وَلَا انْكسار، وَمن هَذَا يُقَال للرجل إِذا لَجَّ فِي الأَمر: قد شَرِيَ فِيهِ، واسْتَشْرَى.

وَقَالَ غَيره: شَرِيَتْ عينُه بالدَّمع، أَي لَجَّتْ وتابعت الهَملان.

وَقَالَ الأصمعيّ: إبِلٌ شرَاةٌ وسراةٌ، إِذا كَانَت خِيارَا.

وَقَالَ ذُو الرمة:

يَذُبُّ الْقَصايَا عَن شَرَاةٍ كَأَنَّمَا

جَماهيرُ تَحْتَ الْمُدْجِنَات الْهَوَاضِبِ

وَيُقَال لِزِمام النَّاقَة إِذا تَتَابع حركاته لتَحْرِيكها رَأسهَا فِي عَدْوِها: قد شرِيَ زِمَامُها، يشرَى شَرًى.

ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشِّرْيان: الشقّ، وَهُوَ الثَّتُّ، وَجمعه ثُتُوت.

قَالَ: وسأَلْته عَن قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي شَرِيكه: (لَا يُشَارِي وَلَا يُمارِي وَلَا يُدارِي فَقَالَ: لَا يشارِي من الشَّرّ. قلت: كأَنَّه أَراد لَا يشارّ، فَقلب إِحْدَى الرّاءيْن يَاء. وَلَا يُماري: لَا يخَاصِمُ فِي شيءٍ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَه. وَقَوله: (وَلَا يُدارِي) ، أَي لَا يَدْفَع ذَا الْحق عَن حَقِّه، وَقيل: لَا يشاري: لَا يلاجّ.

أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: شَرَيْتُ بِمَعْنى بِعْتُ، وشَرَيْتُ أَي اشْتَرَيْت. وَقَالَ الله: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} (الْبَقَرَة: ١٠٢) .

قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ، بِئْسَ مَا باعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ. قَالَ: وللعرب فِي شَرَوْا واشْتَرَوْا مَذْهبان: فالأكثر مِنْهُمَا: أَنَّ (شَرَوْا) ، بَاعُوا، و (اشْتَرَوْا) : ابتاعوا؛ وَرُبمَا جعلوهما بِمَعْنى بَاعوا. والشَّراة: الْخوارِج، سَمَّوْا أنفسهم شُراةً؛ لأنَّهم أَرَادوا أَنَّهم باعوا أَنفسهم لله، وَالْوَاحد شارٍ، وشَرَى نَفسه شِرًى، إِذا بَاعهَا.

وَقَالَ الشَّاعِر:

فَلَئِنْ فَرَرْتُ من الْمَنِيَّةِ والشِّرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>