للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ الْكسَائي: السُّدّين بضَم السِّين وفَتحِها سَوَاء السَّد والسُّد، وَكَذَلِكَ قولُه: {فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ} هما سَوَاء، فتح السِّين وضمّها.

وأخبَرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: سَدّ وسُدّ، وكلّ مَا قابلكَ فسَدَّ مَا وراءَه فَهُوَ سَدّ وسُدّ. قَالَ: وَأَخْبرنِي الطُّويسِي عَن الخرّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: رَمَاه فِي سَدِّ نَاقَتِه: أَي فِي شخصها. قَالَ: والسُّدّ والذّرِيعَة والدَّرِيئَةُ: النَّاقة الَّتِي يسْتَتر بهَا الصائدُ ويخْتل ليرميَ الصَّيْد، وَأنْشد:

فَمَا جَبنُوا إنّا نَسُدّ عَلَيْهِمُ

ولكنْ لَقوا نَاراً تَجُسُّ وتَسْفَعُ

قَالَ: وَتقول الْعَرَب: المِعْزَى سَدٌّ يُرَى من وَرائِه الفَقْر، الْمَعْنى: أنّه المعزى لَيْسَ إلاّ مَنْظرها، وَلَيْسَ لَهَا كبيرُ مَنْفَعة.

ورُوِي عَن المفسّرين فِي قَوْله: {فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ} (يس: ٩) قَولَانِ: أحدُهما: أَن جمَاعَة من الكفّار أَرَادوا بالنّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سوءا، فحالْ اللَّهُ بَينهم وَبَين مُرادِهم، وسَدَّ عَلَيْهِم الطريقَ الّذي سلكوه. وَالثَّانِي: أَن الله وَصَفَ ضلالَ الكفّار فَقَالَ: سَددْنا عَلَيْهِم طريقَ الهُدى كَمَا قَالَ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (الْبَقَرَة: ٧) ، الْآيَة.

وقرأتُ بخطّ شمر يُقَال: سَدّ عَلَيْك الرجل يَسِدّ سَدّاً: إِذا أَتَى السَّدَاد، وَمَا كَانَ هَذَا الشيءُ سَديداً. وَلَقَد سَدَّ يَسدّ سَداداً وسُدوداً، وَقَالَ أَوْس:

فَمَا جَبنُوا إنّا نَسُدّ عليهمُ

يَقُول: لم يَجبنوا من الْإِنْصَاف فِي الْقِتَال، ولكنّا جُرْنا عليهمْ فَلَقُونا وَنحن كالنّار الَّتِي لَا تُبقِي شَيْئا.

قلت: وَهَذَا خلافُ مَا قَالَه ابْن الأعرابيّ.

وَفِي حَدِيث النبيّ أَنه قَالَ: (لَا تَحل المسألةُ إلاّ لثلاث. .) فَذكر رجلا أصابتْه جَائِحَة فاجتاحَتْ مالَه فَيسْأَل حتَّى يصيبَ سَداداً من عَيْش أَو قواماً.

قَالَ أَبو عُبَيد: (سِداداً من عَيْش) هُوَ بِكَسْر السِّين، وكلَّ شَيْء سَدَدَتْ بِهِ خَلَلاً فَهُوَ سِداد، وَلِهَذَا سُمِّي سِداد القارورة وَهُوَ صِمامُها، لأنّه يَسُدّ رَأسهَا، وَمِنْه سِدادُ الثَّغْر: إِذا سُدَّ بِالْخَيْلِ والرِّجال، وَأنْشد:

أضاعوني وأيَّ فَتى أضاعوا

ليَوْم كريهة وسِدادِ ثَغْرِ

قَالَ: وأمَّا السَّداد بِالْفَتْح فَإِن مَعْنَاهُ: الإصابةُ فِي المنطِق أَن يكون الرجل مُسَدَّداً، يُقَال: إِنَّه لذُو سَدَاد فِي منطقِه وتدبيره، وَكَذَلِكَ الرَّمي.

وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه سَأَلَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْإِزَار فَقَالَ: (سَدّد وقارب) .

قَالَ شمر فِي (كتَابه) : سدِّد من السَّداد،

<<  <  ج: ص:  >  >>