للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُسْتحلى استحلاء العَسَل. وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: (حَتَّى تَذُوقِي عُسَيلته وَيَذُوق عُسَيْلتك) : إِن العُسَيلة: مَاء الرجل. قَالَ: والنطْفة تسمَّى العُسَيلة، رَوَى ذَلِك شمر عَن أبي عدنان عَن أبي زيد الأنصاريّ: قلت: وَالصَّوَاب مَا قَالَه الشَّافِعِي؛ لِأَن العُسَيلة فِي هَذَا الحَدِيث كِنَايَة عَن حلاوة الْجِمَاع الَّذِي يكون بتغييب الحَشَفة فِي فرج الْمَرْأَة، وَلَا يكون ذَوَاق العُسَيلتين مَعًا إِلَّا بالتغييب وَإِن لم يُنزِلا، وَلذَلِك اشْترط عُسَيلتهما. وأنَّث العُسَيلة لِأَنَّهُ شبَّهها بِقِطْعَة من العَسَل. وَهَذَا كَمَا تَقول: كنّا فِي لَحْمَة ونَبِيذة وعَسَلة أَي فِي قِطْعَة من كل شَيْء مِنْهَا. وَالْعرب تؤنّث العَسَل وتذكّره. قَالَ الشمَّاخ:

كَأَن عُيُون الناظرين تشوفها

بهَا عسل طابت يَدَاً من يشورُها

أَي تشوف العيونُ والأبصار بهَا هَذِه الْمَرْأَة. قَالَ ذَلِك ابْن السّكيت. والعَسَّالة: الخليَّة الَّتِي تسَوَّى للنحل من راقود وَغَيره فتعسِّل فِيهِ. يُقَال: عسّل النحلُ تعسيلاً. وَالَّذِي يَشتار الْعَسَل فَيَأْخذهُ من الخليَّة يسمَّى عاسلاً.

وَمِنْه قَول لبيد:

وأرْيِ دُبُورٍ شارَهُ النحلَ عاسلُ

وَمن الْعَرَب من يذكّر العَسَل، لُغَة مَعْرُوفَة. والتأنيث أَكثر. وعَسَل اللُبْنَى: صَمْغ يَسيل من شجر اللبنى لَا حلاوة لَهُ: يسمَّى عَسَل اللبنى. وحدّثنا الْحُسَيْن بن إِدْرِيس حَدثنَا عُثْمَان ابْن أبي شَيبة عَن زيد بن الحُبَاب عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَيْر بن نُفَير عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن الحَمِق يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا عَسَله) : قيل: يَا رَسُول الله وَمَا عَسَله؟ قَالَ: (يَفتح لَهُ عملا صَالحا بَين يَدي مَوته حَتَّى يرضى عَنهُ مَن حوله) . ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: العَسَل: طِيب الثَّنَاء على الرجل. قَالَ: وَمعنى قَوْله: (إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا عَسَله) أَي طيَّب ثناءه. وَقَالَ غَيره: معنى قَوْله: عَسَله أَي جعل لَهُ من الْعَمَل الصَّالح ثَنَاء طيّباً كالعَسَل؛ كَمَا يُعْسَل الطَّعَام إِذا جُعل فِيهِ العَسَل. يُقَال: عَسَلت الطعامَ والسَّوِيقَ أعْسِله وأعسُله إِذا جعلت فِيهِ عَسَلاً وطيَّبتْه وحلَّيته. وَيُقَال أَيْضا: عَسَلت الرجلَ إِذا جعلت أُدْمه العَسَل. وعسَّلت الْقَوْم بِالتَّشْدِيدِ إِذا زوّدتهم العَسَل. وَجَارِيَة معسولة الْكَلَام إِذا كَانَت حُلْوة الْمنطق مليحة اللَّفْظ طيّبة النَّغْمة. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَسَل: حَبَاب المَاء إِذا جرى من هبوب الرّيح. قَالَ: والعُسُل: الرِّجَال الصالحون. قَالَ: وَهُوَ جمع عاسل وعَسُول. قَالَ: وَهُوَ ممَّا جَاءَ على لفظ فَاعل وَهُوَ مفعول بِهِ. قلت: كَأَنَّهُ أَرَادَ: رجل عاسل: ذُو عَسَل أَي ذُو عمل صالحٍ، الثناءُ عَلَيْهِ بِهِ مستحلَى كالعسل. وَقَالَ الفرّاء: العَسِيل: مِكْنسة الطِّيب. والعَسِيل: الريشة الَّتِي تُقلع بهَا الغالية. والعَسِيل أَيْضا: قضيب الْفِيل وَجمعه كلّه عُسُل. وَأنْشد الفرّاء:

<<  <  ج: ص:  >  >>