للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن أَعْدَادِ الْمِيَاه، وبَدَوْا طَلباً لِلْقُرْبِ من الكَلإِ فالقوم حينئذٍ باديةٌ، بَعْدَمَا كَانُوا حاضِرةً وبادُون بَعْدَمَا كَانُوا حاضرين: وَهِي مَباديهم جمع مَبْدًى، وَهِي المناجِعُ ضِد المحاضر، وَيُقَال لهَذِهِ الْمَوَاضِع الَّتِي يَتَبَدَّى إِلَيْهَا، البَادون: باديةٌ أَيْضا وَهِي البوادِي وَالْقَوْم أَيْضا بَوَادٍ، جمع باديةٍ، وَيُقَال للرجل إِذا تَغَوَّطَ وأحدثَ: قد أبدى فَهُوَ مُبْدٍ، وَقيل لَهُ: مبدٍ لِأَنَّهُ إِذا أحدث بَرَزَ من الْبيُوت وَهُوَ مُتَبَرِّزٌ أَيْضا.

ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: هِيَ البِداوة والحَضارة بِكَسْر الْبَاء وَفتح الْحَاء.

وَأنْشد:

فَمَنْ تكُنْ الحضَارَةُ أَعْجَبتْه

فأَيَّ رجالِ باديةٍ تَرانا

قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: البَداوة والحِضارة بِفَتْح الْبَاء وَكسر الْحَاء.

وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَاّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرَّأْى} (هود: ٢٧) قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَحده: (بادىءَ الرَّأْي) بِالْهَمْز وَسَائِر الْقُرَّاء قرءُوا (باديَ) بِغَيْر همز.

وَقَالَ الْفراء: لَا يهمز باديَ الرَّأْي لِأَن الْمَعْنى: فِيمَا يظْهر لنا ويبدو، وَقَالَ: وَلَو أَرَادَ ابْتَداء الرَّأْي فَهَمَز كَانَ صَوَابا.

وَأنْشد فَقَالَ:

أَضْحَى لِخَالِي شَبَهي بَادي بَدِي

أَرَادَ بهِ ظاهرِي فِي الشَّبَهِ لخَالي.

وَقَالَ الزّجاج: نصب باديَ، على اتَّبعوك فِي ظاهرِ الرَّأْي وَبَاطِنهمْ على خلاف ذَلِك، وَيجوز أَن يكون اتبعوك فِي ظَاهر الرَّأْي وَلم يتدبّروا مَا قلتَ، وَلم يفكروا فِيهِ، وَقيل للبَرِّية: باديَةٌ لِأَنَّهَا ظاهرةٌ بارزةٌ، وَقد بَدَوْتُ أَنا، وأبْدَيْتُ غَيْرِي، وكلُّ شَيْء أظهرتَه فقد أبْدَيتَه، وَأما قِراءةُ أبي عَمْرو: بادىء الرَّأْي فَمَعْنَاه أوّلَ الرَّأْي، أَي اتَّبعوك ابتداءَ الرَّأْي حينَ ابتدأوا ينظرُونَ، وَإِذا فَكَّروا لم يتَّبعوك.

وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: بادىءَ من بَدَأَ إِذا ابْتَدَأَ.

قَالَ: وانتصابُ مَن هَمز وَمن لم يهمز بالاتباع على مَذْهَب الْمصدر، أَي اتبعوك اتبَاعا ظَاهرا واتباعاً مُبتدَأ.

قَالَ: وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى، مَا نرَاك اتَّبَعَك إِلَّا الَّذين هم أراذِلنا فِي ظَاهِر مَا ترى مِنْهُم، وطَوِيّاتُهم على خِلافِك وعَلى مُوافَقَتِنَا وَهُوَ مِن بَدا يَبْدُو إِذا ظهر.

وَقَالَ فِي تَفْسِير قَوْله:

أَضْحَى لخَالي شَبَهِي بَادِي بَدي

وصَارَ الفحلُ لِساني وَيَدِي

قَالَ: مَعْنَاهُ: خرجتُ عَن شَرْخ الشَّبَاب إِلَى حَدِّ الكهولة الَّتِي مَعهَا الرأْيُ والحِجَى، فَصرتُ كالفحُولة الَّتِي بهَا يَقع الأخيَارُ وَلها بِالْفَضْلِ تكْثُر الْأَوْصَاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>