للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثَمَمْت حوائِجي وَوَذَأْتُ عَمْراً

فبِئْس مُعَرَّسُ الرَّكْبِ السِّغَابِ

وَقَالَ ابْن شُميل: المِثَمَّ: الَّذِي يَرْعَى على من لَا رَاعِيَ لَهُ، ويُفْقِر مَن لَا ظَهْرَ لَهُ، ويَثُمّ مَا عَجز عَنهُ الحيُّ من أَمرهم.

وَإِذا كَانَ الرَّجُل شدِيداً يَأْتِي مِن وَرَاء الصَّاغية، ويَحْمِل الزِّيَادَة ويَرُدّ الرِّكاب، قيل لَهُ: مِثَمٌّ. وَإنَّهُ لمِثَمٌّ لأسافل الْأَشْيَاء.

أَبُو عُبيد، عَن الْأمَوِي: يُقال للشَّيخ إِذا كَبِر وهَرِم: انْثَمَّ انْثِماماً.

ويُقال: هَذَا سَيْفٌ لَا يُثَمْثَم نَصْلُه، أَي لَا يُثْنَى إِذا ضُرِب بِهِ، وَلَا يَرْتَدّ؛ قَالَ ساعِدةُ:

مُسْتَرْدِفاً من السَّنَام الأسْنَم

حَشاً طويلَ الفَرْع لم يُثَمْثَمِ

أَي لم يُكْسر وَلم يُشْدخ بالحِمْل يَعْنِي سَنَامه وَلم يُصِبْه عَمَدٌ فَيَنْهَشم. العَمَدُ: أَن يَنْشدخ السَّنامُ فَيَنْغمز.

وثمْثَم قِرْنَه، إِذا قَهَره؛ قَالَ:

فَهُوَ لحولانِ القِلَاص ثَمْثَامْ

وَقَالَ اللَّيْثُ: ثُمَّ، حَرف من حُروف النّسق لَا يُشَرّك بعْدهَا بِمَا قبلهَا، إِلَّا أَنَّهَا تبيِّن الآخر من الأول.

وأمَّا قَول الله عزّ وجلَّ: {الْغَفَّارُ خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الَاْنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِى} (الزمر: ٦) فَإِن الْفراء قَالَ: يَقُول الْقَائِل: كَيفَ قَالَ: {خَلَقَكُمْ} لبني آدم ثمَّ قَالَ: {وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا} وَالزَّوْج مخلوقٌ قبل الْوَلَد؟ .

فَالْمَعْنى: أَن يُجعل خَلْقُه الزَّوْج مَرْدُوداً على واحدةٍ؛ الْمَعْنى: خلَقها وَاحِدَة ثمَّ جَعل مِنْهَا زَوجهَا، أَي خلق مِنْهَا زَوجهَا قَبْلكم.

قَالَ: و (ثَمّ) لَا تكون فِي العطوف إِلَّا لشَيْء بعد شَيْء. وَأما (ثَمّ) بِفَتْح الثَّاء، فَإِنَّهُ إشارةٌ إِلَى الْمَكَان؛ قَالَ تعالَى: {مَّنثُوراً وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً} (الْإِنْسَان: ٢٠) .

قَالَ الزَّجاج: ثَمَّ، عُني بِهِ الجنَّة. وَالْعَامِل فِي (ثَم) معنى (رَأَيْت) . الْمَعْنى وَإِذا رَمَيْت ببصرك ثَمّ.

وَقَالَ الفَرَاء: الْمَعْنى: إِذا رَأَيْت مَا ثمّ رَأَيْت نَعِيماً.

قَالَ الزجَّاج: وَهَذَا غَلَط، لأنّ (مَا) مَوْصُولَة بقوله: (ثَمّ) على هَذَا التَّقْدِير. وَلَا يجوز إِسْقَاط الْمَوْصُول وتَرْك الصِّلة، وَلَكِن (رَأَيْت) مُتَعَدَ فِي الْمَعْنى إِلَى (ثَمّ) .

وَأما قَول الله عزّ وجَلّ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (الْبَقَرَة: ١١٥) فإنّ الزجّاج قَالَ أَيْضا: ثمّ، مَوْضِعُه مَوْضع نَصْب، وَلكنه بُنِي على الْفَتْح لالْتقاء الساكنين. و (ثمَّ) فِي الْمَكَان، إِشَارَة إِلَى مَكَان مُنْزَاحٍ عَنْك.

وَإِنَّمَا مُنعت (ثَمّ) من الْإِعْرَاب لإبهامها.

قَالَ: وَلَا أعلم أحدا يَشرح (ثَمّ) هَذَا الشَّرْح.

<<  <  ج: ص:  >  >>