للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِهِ، كَأَنَّك إِنَّمَا تقصد بِهِ الاعْتداد. والأَذى: أَن تُوبِّخ المُعْطَى، فأَعْلم الله أنّ المَنّ والأذى يُبْطلان الصَّدقة.

قَالَ الله تَعَالَى: {فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن} (المدثر: ٦) أَي: لَا تُعْطِ شَيْئا مُقدَّراً لتأخُذَ بِهِ مَا هُوَ أَكثر مِنْهُ.

وَقَوله تَعَالَى: {الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ} (فصلت: ٨) ، أَي لَا يُمَنّ بِهِ عَلَيْهِم.

وَقيل: غير مَقْطُوع.

قلت: فالمَنّ: الَّذِي يَسْقُط من السّماء. والمَنّ: الاعْتِداد. والمَنّ: العَطَاء. والمَنّ: القَطْع.

وَمن صِفَات الله تَعَالَى: المَنّان. وَمَعْنَاهُ: الْمُعْطِي ابْتِدَاء. وَللَّه المِنَّة على عباده وَلَا مِنّة لأحد مِنْهُم عَلَيْهِ.

عَمْرو، عَن أَبِيه: المَنين من الرِّجال: الضَّعِيف. والمَنين: الْقوي. وحَبْلٌ مَنِين، أَي أَخْلَق وتَقَطَّع؛ وأَنْشد:

وَلم تَخُنِّي عُقَدُ المَنِين

والمَنِين: الغُبَار. ويُقال للثَّوب الخَلق: مَنِين. والمُنَّة: القُوّة والمِنّة: العَطِيّة. والمِنّة: الاعْتِداد.

أَبُو عَمْرو: المَمْنُون: الضَّعِيف. والمَمْنون: القَوِيّ.

غَيره: المَنّ، لُغَة فِي (المَنَا) ، الَّذِي يُوزن بِهِ. وَجمعه: أَمْنان.

وَمن قَالَ (مَنَا) ، جمعَه: أَمْنَاء.

سَلمة، عَن الفَراء، عَن الْكسَائي، قَالَ: (من) تكون اسْما، وَتَكون جَحْداً، وَتَكون اسْتفهاماً، وَتَكون شرطا، وَتَكون معرفَة، وَتَكون نكرَة، وَتَكون للْوَاحِد، وَتَكون للاثنين، وَتَكون خُصُوصا، وَتَكون للإنْس وَالْمَلَائِكَة وَالْجِنّ، وَتَكون للبهائم إِذا خُلطت بغَيْرهَا.

وَأنْشد الفَرّاء فِيمَن جَعلها اسْما:

فَضَلوا الأنامَ ومَن بَرا عُبْدانَهُمْ

وبَنَوْا بمكَّة زَمْزَماً وحَطيما

قَالَ: مَوضِع (من) خَفض، لِأَنَّهُ قَسم، كَأَنَّهُ قَالَ: فَضَل بَنو هَاشم سَائِر النَّاس، وَالله الَّذِي بَرى عُبْدَانَهُمْ.

قلت: هَذِه الوُجوه الَّتِي ذكرهَا الْكسَائي مَوْجُودة فِي الْكتاب.

أما الِاسْم الْمعرفَة: فكقولك: والسّماء ومَنْ بناها. مَعْنَاهُ: وَالَّذِي بَناها.

والجَحد كَقَوْل الله تَعَالَى: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَاّ الضَّآلُّونَ} (الْحجر: ٥٦) ، المَعْنى: لَا يَقْنَط.

والاستفهام كَقَوْلِك: مَن تَعْني بِمَا تَقول؟

وَالشّرط كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَعْمَالَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} (الزلزلة: ٧) فَهَذَا شَرط، وَهُوَ عَام.

وَمن الْجَمَاعَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً} (الرّوم: ٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>