للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّتِي تأبى الرَعْي الَّتِي تتعشّى هاجتها للرعي فرعت.

والعِشْيُ: مَا يُتعشّى بِهِ، وَجمعه أَعْشاء.

قَالَ الحطيئة:

وَقد نظرتكم أعشاء صادرةٍ

للخِمْس طَال بهَا حَوْزِي وَتَنْسَاسي

قَالَ شمر أَرَادَ انتظرتكم طَويلا قدر مَا تَعَشَى إبل صدرت عَن المَاء لخمس وَطَالَ عشاؤُها.

يَقُول انتظرتكم انْتِظَار إبل خوامِسَ؛ لِأَنَّهَا إِذا صدرت تعشَّت طَويلا وَفِي بطونها مَاء كثير فَهِيَ تحْتَاج إِلَى ثَقَل كثير. قَالَ: وَوَاحِد الأعشاء عِشْي.

وَقَالَ اللَّيْث: العَشْواء من النوق: الَّتِي لَا تبصر مَا أمامها، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا ترفع رَأسهَا فَلَا تتعاهد مَوضِع أخفافها.

وَقَالَ زُهَيْر

رَأَيْت المنايا خبط عشواء من تصب

تُمِته وَمن تخطىء يُعمَّر فيهرَم

وَمن أمثالهم السائرة: هُوَ يخبِط خَبْط عشواء، يُضرب مثلا للسادر الَّذِي يركب رَأسه وَلَا يهتم لعاقبته، كالناقة العشواء الَّتِي لَا تبصر، فَهِيَ تخبط بِيَدَيْهَا كل مَا مرَّت بِهِ، وشَبَّه زُهَيْر المنايا بخبط عشواء لِأَنَّهَا تعمّ الكلّ وَلَا تخصّ.

وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العُقَاب العشواء: الَّتِي لَا تبالي كَيفَ خَبَطت وَأَيْنَ ضربت بمخالبها كالناقة العشواء لَا تَدْرِي كَيفَ تضع يَدهَا.

أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: عشا يعشو: إِذا أَتَى نَارا للضيافة، وعشا يعشو: إِذا ضعف بَصَره.

وَقَالَ اللَّيْث: العَشْو: إتيانك نَارا ترجو عِنْدهَا هدى أَو خيرا. تَقول: عشوتها أعشوها عَشْواً وعُشُوَّاً.

قَالَ: والعاشية: كل شَيْء يعشو بِاللَّيْلِ إِلَى ضوء نَار من أَصْنَاف الْخَلْق؛ كالفَرَاش وَغَيره، وَكَذَلِكَ الْإِبِل العواشي تعشو إِلَى ضوء نَار. وَأنْشد:

وعاشية حُوشٍ يِطانٍ ذعرتُها

بضربِ قتيلٍ وسطَها يتسيَّفُ

قلت: غلط فِي تَفْسِير الْإِبِل العواشي أَنَّهَا الَّتِي تعشو إِلَى ضوء النَّار. وَالْإِبِل العواشي جمع العاشية وَهِي الَّتِي ترعى لَيْلًا وتتعشّى، وَمِنْه قَوْلهم: العاشية تهيج الآبية.

وَقَول الله جلّ عزّ: {لِلْمُتَّقِينَ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزّخرُف: ٣٦) . قَالَ الْفراء فِي كِتَابه فِي الْمعَانِي وَلم أسمع هَذَا الْفَصْل من الْمُنْذِرِيّ لِأَن بعض هَذِه السُّورَة كَانَ فَاتَ أَبَا الْفضل مَعْنَاهُ: من يعرض عَن ذكر الرحمان، قَالَ وَمن قَرَأَ (وَمن يَعْشَ عَن ذكر الرحمان) فَمَعْنَاه من يَعْمَ عَنهُ. وَقَالَ القتيبي معنى قَوْله: {لِلْمُتَّقِينَ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} أَي يُظلم بصرُه، قَالَ: وَهَذَا قَول أبي عُبَيْدَة ثمَّ ذهب يردّ قَول الْفراء وَيَقُول: لم أر أحدا يُجِيز عشوت عَن الشَّيْء أَعرَضت عَنهُ، إِنَّمَا يُقَال: تعاشيت عَن الشَّيْء: تغافلت عَنهُ، كَأَنِّي لم أره وَكَذَلِكَ تعاميت.

<<  <  ج: ص:  >  >>