للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ يستعار لطلب الْعلم يُقَال: اقتبست مِنْهُ علما وَفِي الِاصْطِلَاح: هُوَ أَن يضم الْمُتَكَلّم إِلَى كَلَامه كلمة أَو آيَة من آيَات الْكتاب الْعَزِيز خَاصَّة، بِأَن لَا يَقُول فِيهِ: (قَالَ الله) وَنَحْوه، فَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْخطب والمواعظ ومدحة الرَّسُول والآل وَالْأَصْحَاب، وَلَو فِي النّظم، فَهُوَ مَقْبُول؛ وَمَا كَانَ فِي الْغَزل والرسائل والقصص فَهُوَ مُبَاح ونعوذ بِاللَّه مِمَّن ينْقل مَا نسب إِلَى الله تَعَالَى إِلَى نَفسه، أَو يضمن الْآي فِي معرض الْهزْل

والتلميح قريب من الاقتباس، إِلَّا أَن الاقتباس بجملة الْأَلْفَاظ أَو بِبَعْضِهَا والتلميح يكون بلفظات يسيرَة وَلَا يكون الاقتباس إِلَّا من الْقُرْآن والْحَدِيث

والتلميح قد يكون مِنْهُمَا وَمن سَائِر كَلِمَات النَّاس من شعر ورسالة وخطبة وَغير ذَلِك كَقَوْلِه:

(لعَمْرو مَعَ الرمضاء وَالنَّار تلتظي ... أرق وأحنى مِنْهُ فِي سَاعَة الكرب)

فقد ضمن كَلَامه كَلِمَات من الْبَيْت الْمَشْهُور وَهُوَ:

(والمستجير بِعَمْرو عِنْد كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنَّار)

وَإِن ترك اللَّفْظ وَأَشَارَ إِلَيْهِ جَازَ

[وَاعْلَم أَن الظَّاهِر من كَلَامهم أَن الاقتباس مَقْصُور على الْقُرْآن والْحَدِيث

وَقد وسع بَعضهم المجال فِي ذَلِك بِذكر أَن الاقتباس يكون فِي مسَائِل الْفِقْه، وَإِذا قُلْنَا بذلك فَلَا معنى للاقتصار على مسَائِل الْفِقْه، بل يكون فِي غَيره من الْعُلُوم أما الاقتباس من مسَائِل الْفِقْه فكقول بَعضهم:

(أَقُول لشادن فِي الْحسن أضحى ... يصيد بلحظه قلب الكمي)

(ملكت الْحسن أجمع فِي نِصَاب ... فأد زَكَاة منظرك الْبَهِي)

(فَقَالَ: أَبُو حنيفَة لي إِمَام ... يرى أَن لَا زَكَاة على الصَّبِي)

(فَإِن تَكُ مالكي الرَّأْي أَو من ... يرى رَأْي الإِمَام الشَّافِعِي)

(فَلَا تَكُ طَالبا مني زَكَاة ... فإخراج الزَّكَاة على الْوَلِيّ)

وَمِنْه قَوْله:

(طلبت زَكَاة الْحسن مِنْهَا فجاوبت ... إِلَيْك فَهَذَا لَيْسَ تُدْرِكهُ مني)

(عَليّ دُيُون للعيون فَلَا ترم ... زَكَاة فَإِن الدّين يسْقطهُ عني)

وَأما الاقتباس من مسَائِل الحَدِيث فَمِنْهُ:

(قَالَت: أعندك من أهل الْهوى خبر؟)

فَقلت: إِنِّي بِذَاكَ الْعلم مَعْرُوف)

(مسلسل الدمع من عَيْني ومرسلة ... على مذبح ذَاك الخد مَوْقُوف)

(قَالَت: حَدِيثك مَرْدُود لِأَنَّك مَا ... بَين الْأَنَام بِجرح الْحبّ مَوْصُوف)

وَمِنْه:

(فضائله صِحَاح فاعتمدها ... فصحة نقلهَا ذَات اتضاح)

<<  <   >  >>