للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجَاز الْكسر وَالْفَتْح فِي مَوضِع جَازَ فِيهِ تَقْدِير الْمُفْرد وَالْجُمْلَة نَحْو: (من يكرمني فَإِنِّي أكْرمه) فَإِن جعلت تَقْدِيره (فَأَنا أكْرمه) وَجب الْكسر لكَونهَا وَاقعَة ابْتِدَاء، وَإِن جعلت تَقْدِيره (فَجَزَاؤُهُ الْإِكْرَام مني) وَجب الْفَتْح لوقوعها خَبرا لمبتدأ وَهُوَ وَاحِد نَحْو: (أول قولي إِنِّي أَحْمد الله)

وَكَذَا إِذا وَقعت بعد (إِذا) الفجائية أَو فَاء الْجَزَاء أَو (أما) أَو (لَا جرم) أَو وَقعت فِي مَوضِع التَّعْلِيل

وَقد تخفف الْمُشَدّدَة فَيبْطل عَملهَا عِنْد النُّحَاة كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَن لعنة الله على الظَّالِمين} (أَن) : بِالْفَتْح مُخَفّفَة تدل على ثبات الْأَمر واستقراره لِأَنَّهَا للتوكيد كالمشددة، فَمَتَى وَقعت بعد علم وَجب أَن تكون المخففة نَحْو: {علم أَن سَيكون}

وَإِذا وَقعت بعد مَا لَيْسَ بِعلم وَلَا شكّ وَجب أَن تكون الناصبة، وَإِذا وَقعت بعد فعل يحْتَمل الْيَقِين وَالشَّكّ جَازَ فِيهَا وَجْهَان باعتبارين: إِن جَعَلْنَاهُ يَقِينا جعلناها المخففة ورفعنا مَا بعْدهَا، وَإِن جَعَلْنَاهُ شكا جعلناها الناصبة ونصبنا مَا بعْدهَا نَحْو: {وَحَسبُوا أَن لَا تكون} قرئَ بِالرَّفْع إِجْرَاء للظن مجْرى الْعلم، وَبِالنَّصبِ إِجْرَاء لَهُ على أَصله من غير تَأْوِيل، وَهُوَ أرجح وَلِهَذَا أَجمعُوا عَلَيْهِ فِي {الم أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا}

وَالَّذِي لَا يدل على ثبات واستقرار تقع بعده الناصبة نَحْو: {وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي} والمحتمل للأمرين تقع بعده تَارَة المخففة وَتارَة الناصبة لما تقدم من الإعتبارين

وتزاد مَعَ (لما) كثيرا نَحْو: {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير} ، وَبعد وَاو الْقسم الْمُتَقَدّم عَلَيْهِ نَحْو: (وَالله أَن لَو قَامَ زيد قُمْت) ، وَبعد الْكَاف قَلِيلا كَقَوْلِه: كَأَن ظَبْيَة تعطو إِلَى ناضر السّلم

والفارق بَين (أَن) المخففة والمصدرية: أما من حَيْثُ الْمَعْنى لِأَنَّهُ إِن عني بِهِ الِاسْتِقْبَال فَهِيَ الْخَفِيفَة، وَإِلَّا فَهِيَ المصدرية، وَأما من حَيْثُ اللَّفْظ لِأَنَّهُ إِن كَانَ الْفِعْل الْمَنْفِيّ مَنْصُوبًا فَهِيَ المصدرية، وَإِلَّا فَهِيَ المخففة

وَأَن المصدرية يجوز أَن تتقدم على الْفِعْل لِأَنَّهَا معمولة، وَإِذا كَانَت مفسرة لم يجز ذَلِك لِأَن الْمُفَسّر لَا يتَقَدَّم على الْمُفَسّر

وَأَن الموصولة المصدرية إِذا وصلت بالماضي يؤول بِالْمَصْدَرِ الْمَاضِي، وَإِذا وصلت بالمضارع يؤول بِالْمَصْدَرِ الْمُسْتَقْبل، وَإِذا وليت الْمُضَارع تنصبه وَكَانَ مَعْنَاهَا الِاسْتِقْبَال، وَإِذا وليت الْمَاضِي خلع عَنْهَا الدّلَالَة على الْمُسْتَقْبل، وَلِهَذَا يَقع بعْدهَا الْمَاضِي الصَّرِيح، تَقول: (سرني أَن قُمْت أمس)

وَلَا تدخل (أَن) المصدرية على الْأَفْعَال غير المتصرفة الَّتِي لَا مصَادر لَهَا

و (أَن) المخففة: تكون شَرْطِيَّة وَتَكون للنَّفْي كالمكسورة، وَتَكون بِمَعْنى (إِذْ) ، قيل: وَمِنْه: (بل

<<  <   >  >>