للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفِعْل الْمُعَلق مَمْنُوع من الْعَمَل لفظا عَامل معنى وتقديرا، لِأَن معنى (علمت لزيد قَائِم) علمت قيام زيد، كَمَا كَانَ كَذَلِك عِنْد انتصاب الجزأين

التكوين: هُوَ صفة يَتَأَتَّى بهَا إِيجَاد كل مُمكن وإعدامه على وفْق الْإِرَادَة

وَالْقُدْرَة: صفة يَتَأَتَّى بهَا كَون الْجَائِز مُمكن الْوُجُود من الْفَاعِل

والتكوين: من صِفَات الْمعَانِي، لِأَن الله تَعَالَى وصف ذَاته فِي كَلَامه الأزلي بِأَنَّهُ خَالق، فَلَو لم يكن فِي الْأَزَل خَالِقًا لزم الْكَذِب أَو الْعُدُول إِلَى الْمجَاز من غير تعذر الْحَقِيقَة هَذَا عِنْد الماتريدية فعلى هَذَا: المكون مفعول، وَأَنه حَادث بإحداث الله لوقت وجوده

[وَلَا يلْزم الْعَبَث فِي أزلية الْإِخْبَار لِأَن إِخْبَار الله وَاجِب الْبَقَاء فَيبقى إِلَى وجود المخاطبين، بِخِلَاف كَلَام الْعباد فانه عرض لَا بَقَاء لَهُ]

وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ من الْمُتَكَلِّمين: إِن الصّفة الْمُسَمَّاة بالتكوين والتخليق لَو كَانَت مُؤثرَة فِي وُقُوع الْمَخْلُوق فَذَلِك التَّأْثِير فِيهِ إِمَّا على سَبِيل الصِّحَّة، وَهُوَ الْمُسَمّى عندنَا بِالْقُدْرَةِ، فَالْخِلَاف لَفْظِي، أَو على سَبِيل اللُّزُوم وَالْوُجُوب، وَهُوَ قَول الفلاسفة، ونقيض القَوْل لكَونه قَادِرًا، بل التكوين من الإضافات والاعتبارات الْعَقْلِيَّة، مثل كَونه تَعَالَى قبل كل شَيْء وَمَعَهُ وَبعده ومذكورا بألسنتنا ومعبودا لنا ومحييا ومميتا وَنَحْو ذَلِك

وَالْحَاصِل فِي الْأَزَل هُوَ مبدأ التخليق والترزيق والإحياء والإماتة وَنَحْوهَا فالتكوين عِنْدهم عين المكون، فَيكون الْإِيجَاب عين الْوَاجِب، وَالْحكم عين الْمَحْكُوم، والإحداث عين الْمُحدث، وَلَا دَلِيل على كَونه صفة أُخْرَى سوى الْقُدْرَة والإرادة

[وَهَذَا الْخلاف بَين الأشاعرة والماتريدية مَبْنِيّ على الْخلاف فِي أَن الِاسْم هَل هُوَ مُشْتَرك بَين الدَّال والمدلول كَمَا هُوَ عِنْد جُمْهُور الماتريدية أم لَا كَمَا هُوَ عِنْد الْأَشْعَرِيّ وَجُمْهُور أَصْحَابه وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِي أَن مَدْلُول جَمِيع الْأَسْمَاء الإلهية من الصِّفَات السلبيات والإضافيات وَالصِّفَات الثبوتيات والمتشابهات ثَابت الاتصاف فِي الْأَزَل وَفِيمَا لَا يزَال عندنَا، فَيكون من قبيل إِطْلَاق الْمُشْتَقّ على الشَّيْء من غير أَن يكون مَأْخَذ الِاشْتِقَاق وصف قَائِما بِذَاتِهِ تَعَالَى وَأما عِنْد جُمْهُور الأشاعرة فمدلول الِاسْم الْمُشْتَقّ من صفة أزلية كالقادر والعالم أزلي، ومدلول الِاسْم الْمُشْتَقّ من الْفِعْل لَيْسَ بأزلي، سَوَاء كَانَ مشتقا من فعله تَعَالَى كالخالق والرازق لعدم أزلية صِفَات الْأَفْعَال عِنْدهم، أَو كَانَ مشتقا من فعل غَيره كالمعبود والمشكور، فالقسمان ليسَا بأزليين عِنْدهم فعلى هَذَا يكون من قبيل إِطْلَاق مَا بِالْقُوَّةِ على مَا بِالْفِعْلِ

وَفِي " التَّعْدِيل " صِفَات الْأَفْعَال لَيست نفس الْأَفْعَال بل منشؤها، فالصفات قديمَة وَالْأَفْعَال حَادِثَة]

والماتريدية لما أثبتوا التكوين سوى الْقُدْرَة غايروا بَين أثريهما، فأثر الْقُدْرَة صِحَة وجود الْمَقْدُور من الْقَادِر، وَأثر التكوين هُوَ الْوُجُود بِالْفِعْلِ

[وَالدَّلِيل على أَن التكوين غير المكون قَوْله تَعَالَى: {كن فَيكون} حَيْثُ أخبر عَن تكوينه

<<  <   >  >>