للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَكثر من الآخر، إِذْ لَا يَنْتَهِي إِلَى حد لَا يُوجد فَوْقه حد آخر، وَلَا يلْزم من القَوْل بتعلق الْقُدْرَة على كل الممكنات وجوب وجود جَمِيعهَا لِأَن تعلقهَا غير كَاف فِي الْوُجُود، بل يجب تعلق الْإِرَادَة حَتَّى يُوجد الْمُمكن بِالْقُدْرَةِ، فَيكون تعلق الْإِرَادَة حَتَّى يُوجد الْمُمكن بِالْقُدْرَةِ، فَيكون تعلق الْإِرَادَة هُوَ الْمُخَصّص لبَعض الممكنات بالحدوث فِي بعض الْأَوْقَات، وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن تعلق الْقُدْرَة بِالْجَمِيعِ بِالْقُوَّةِ على معنى أَن تعلق الْقُدْرَة بالشَّيْء تأثيرها فِيهِ وفْق الْإِرَادَة، فَلَا تَنْتَهِي قدرته عِنْد المُرَاد، وَإِن كَانَ تعلقهَا بالممكنات متناهية بِالْفِعْلِ على معنى ضمير إِن الْقَادِر من يَصح مِنْهُ إِيجَاد الْفِعْل وَتَركه، أَو على هَذَا يكون الْمَقْدُور مَا يَصح من الْقَادِر إيجاده وَتَركه]

وَإِنَّمَا لم يتعلقا بالقسم الأول وَالثَّالِث لِأَنَّهُمَا لما كَانَتَا صفتين مؤثرتين، وَمن لَازم الْأَثر أَن يكون مَوْجُودا بعد عدم لزم أَن مَا لَا يقبل الْعَدَم أصلا كالواجب لَا يقبل أَن يكون أثرا لَهما، وَإِلَّا لزم تَحْصِيل الْحَاصِل

وَمَا لَا يقبل الْوُجُود أصلا كالمستحيل لَا يقبل أَيْضا أَن يكون أثرا لَهَا، وَإِلَّا لزم قلب الْحَقَائِق بِرُجُوع المستحيل عين الْجَائِز فَلَا قُصُور فيهمَا، [كَمَا لَا نقص بِعَدَمِ تعلق الرُّؤْيَا بالمعدومات والسمع بالألوان] بل لَو تعلقتا بهما لزم حِينَئِذٍ الْقُصُور فِي ترك إعدام أَنفسهمَا بل فِي إعدام الذَّات الْعلية وَإِثْبَات الألوهية لمن لَا يقبلهَا من الْحَوَادِث

ثمَّ الْمُمْتَنع إِمَّا مُمْتَنع الْكَوْن لنَفسِهِ فِي علم الله تَعَالَى، كاجتماع الضدين، وَكَون الشَّيْء الْوَاحِد فِي آن وَاحِد فِي مكانين وَنَحْوه.

وَإِمَّا مُمْتَنع الْكَوْن لَا بِاعْتِبَار ذَاته، بل بِاعْتِبَار تعلق الْعلم بِأَنَّهُ لَا يُوجد، أَو غير ذَلِك، كوجود عَالم آخر وَرَاء هَذَا الْعَالم أَو قبله، فَمَا كَانَ من الْقسم الأول فَهُوَ لَا محَالة غير مَقْدُور من غير خلاف، وَمَا كَانَ من الْقسم الثَّانِي فَنَقُول فِيهِ إِن الْمُمكن من حَيْثُ هُوَ مُمكن لَا ينبو عَن تعلق الْقُدْرَة بِهِ، وَالْقُدْرَة من حَيْثُ هِيَ قدرَة لَا يَسْتَحِيل تعلقهَا بِمَا هُوَ فِي ذَاته مُمكن إِذا قطع النّظر عَن غَيره، وَلَا معنى لكَونه مَقْدُورًا غير هَذَا وَإِطْلَاق اسْم الْمَقْدُور عَلَيْهِ بِالنّظرِ إِلَى الْعرف وَإِلَى الْوَضع بِاعْتِبَار هَذَا الْمَعْنى غير مستبعد وَإِن كَانَ وجوده مُمْتَنعا بِاعْتِبَار غَيره

وَالنَّوْع الثَّانِي شيئية وجودية: وَهِي وجودهَا خَارج الْعلم والموجودات الخارجية من حَيْثُ تعلق الْقُدْرَة بإخراجها من الْعلم إِلَى الْعين لَا يتَعَلَّق بهَا قدرَة اخرى، لِاسْتِحَالَة تَحْصِيل الْحَاصِل، فَإِن تعلق قدرَة وارادة بهَا بِاعْتِبَار إعدامها وإيجادها بعد الإعدام فِي كل آن على القَوْل بالخلق الْجَدِيد مَعَ الأنفاس، كَمَا هُوَ مَذْهَب الْمُحَقِّقين من الصُّوفِيَّة

ثمَّ إِن الشَّيْء وَالثَّابِت وَالْمَوْجُود أَلْفَاظ مترادفة فَلَا يُطلق على الْمَعْدُوم وَلَو مُمكنا خلافًا للمعتزلة، فَإِن الثُّبُوت أَعم من الْمَوْجُود، والمعدوم الْمُمكن كإنسان سيوجد، بِخِلَاف المستحيل، كاجتماع الضدين، والمتخيل، كجبل من ياقوت

فالمعدوم الْمُمكن شَيْء عِنْدهم دون المستحيل، وَلَفظ الشَّيْء عَام معنوي عِنْد فَخر الْإِسْلَام، لَا لَفْظِي كَمَا ظَنّه صَاحب " التَّقْوِيم " وَإنَّهُ عَام لَا

<<  <   >  >>