للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على قدر دَرَجَته فَمنهمْ من كَانُوا يفرحون فِي الدُّنْيَا بالعطاء مَعَ نُفُوسهم فهم كَذَلِك فِي الْجنَّة فَرَحهمْ بِمَا يُعْطون فِي الْجنَّة فبه يتلذذون وَبِه يفرحون وَمِنْهُم من كَانُوا يفرحون بِاللَّه تَعَالَى فهم كَذَلِك فِي الْجنَّة فَرَحهمْ بِاللَّه تَعَالَى ودقت الْجنَّة فِي جنب فَرَحهمْ بِاللَّه تَعَالَى وهم الْأَوْلِيَاء ويسمون الروحانيين فالروح الَّذِي على قُلُوبهم شهرهم وَحسن أَصْوَاتهم فِي الْجنَّة حَتَّى يطربوا ويلذذوا أهل الْجنان وَهَذِه الطَّبَقَة على ثَلَاثَة أَصْنَاف مِنْهُم من يكون الرّوح على قُلُوبهم والفرح غَالب عَلَيْهِم ومثالهم فِي الْمَلَائِكَة هم المقربون وَمِنْهُم من يكون الهول على قُلُوبهم وَالْأَحْزَان غَالب عَلَيْهِم ومثالهم فِي الْمَلَائِكَة الكروبيون فَالْأول أهل روح من شَأْنهمْ التَّسْبِيح والتحميد وَالتَّقْدِيس فتح لَهُم من جماله وبهائه فانبسطوا وملكهم الْفَرح بِهِ وَالثَّانِي أهل كرب من شَأْنهمْ الْبكاء فتح لَهُم من جَلَاله وعظمته فاكتأبوا وملكهم الكرب وَيَقُولُونَ فِي تسبيحهم سُبْحَانَكَ مَا لم تبلغه قُلُوبنَا من خشيتك فَاغْفِر لنا يَوْم نقمتك من أعدئك

وَإِنَّمَا يَأْخُذ كل وَاحِد مَا أعطي وَينظر إِلَى مَا وضع بَين يَدَيْهِ وكشف لَهُ عَنهُ وَفتح لَهُ من الْغَيْب فالكروبيون كربهم وأحزانهم من رُؤْيَة التَّقْصِير والروحانيون شغلهمْ جماله عَن الِالْتِفَات إِلَى أنفسهم وأعمالهم فَإِذا ذكروها لم تَدعهُمْ رُؤْيَة جماله إِلَّا أَن يحسنوا الظَّن بِهِ فَحسن الظَّن بِهِ غَالب على رُؤْيَة التَّقْصِير والفرح لَهُم بِهِ دَائِم وَالروح على قُلُوبهم مترادف وصنف ثَالِث أَعلَى من هذَيْن قد جاوزوا هَاتين الخطتين إِلَى وحدانيته فانفردوا بِهِ فشغلتهم وحدانيته عَن الْجلَال وَالْجمال فهم أُمَنَاء الله تَعَالَى وأعلامه فِي أرضه وقواد دينه وهم الَّذين قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي جُحَيْفَة جَالس الكبراء وهم الَّذين تكبروا فِي عَظمَة الله تَعَالَى وجلاله واعتزوا بِهِ وَله

والفرح على ثَلَاثَة أضْرب فَرح بالدنيا الدنية الزائلة فقد خسر أَهله

<<  <  ج: ص:  >  >>