للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحق بِهِ يهديه ويطهره ويسير بِهِ إِلَيْهِ وَترد إِلَيْهِ الْأَنْوَار من قربه وتطهر نَفسه وتميت مِنْهُ الْأَخْلَاق الرَّديئَة فَذَاك تربية الله تَعَالَى لَهُ فَإِذا تمّ الْبُنيان والتربية كشف الغطاء وأشرق على صَدره نوره وَجعل لِقَلْبِهِ إِلَيْهِ طَرِيقا لَا يَحْجُبهُ عَنهُ شَيْء فَهُوَ ولي الله يَتَوَلَّاهُ فِي أُمُوره وَهُوَ يكلؤه ويستعمله فَمن يتَعَرَّض لَهُ ويظلمه فقد اجترأ على الله تَعَالَى يُرِيد أَن يهدم بُنْيَانه وَيفْسد تَرْبِيَته فَغَضب الله لَهُ

وَهَذَا مثل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إياك ونار الْمُؤمن لَا تحرقك وَإِن عثر كل يَوْم سبع مَرَّات فَإِن يَمِينه بيد الله تَعَالَى إِذا شَاءَ أَن ينعشه نعشه

وَأَرَادَ بِالْمُؤمنِ هَهُنَا الْمُؤمن الْبَالِغ وَهُوَ الْوَلِيّ لله تَعَالَى الَّذِي احتظى من النُّور والقربة وَقد تولاه الله تَعَالَى فَإِذا تعرضت لَهُ بمكروه فَنَار نوره تحرقك فَأَما الْعَامَّة من الْمُؤمنِينَ فمعه نور التَّوْحِيد وَلَا حَظّ لَهُ من نوره فَلَيْسَ لَهُ نَار تحرق وَلِهَذَا حذرك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يشْتَبه عَلَيْك أمره فَإِذا رَأَيْته عثر أَو وَقع فِي زلَّة أَن تنظر إِلَيْهِ بِعَين الازراء كَسَائِر الْعَامَّة فَإِن يَمِينه بيد الله تَعَالَى لِأَنَّهُ صَار فِي قَبضته وَقد أَخذه من نَفسه فَهُوَ يمسِكهُ وَهُوَ يحفظه فَإِذا عثر فَتلك العثرة كَانَت فِي تَدْبِير الله تَعَالَى لَهُ ليجدد عَلَيْهِ أَمر أَو ليرفعه إِلَى مَا هُوَ أعظم شَأْنًا وَلَيْسَت تِلْكَ عَثْرَة رفض إِنَّمَا هِيَ عَثْرَة تَدْبِير كَذَا دبر لَهُ كَمَا دبر لداود عَلَيْهِ السَّلَام تِلْكَ الْخَطِيئَة ثمَّ انْظُر أَي شَيْء كَانَ لَهُ بعد الْخَطِيئَة من الْكَرَامَة والقربة وَظهر لَهُ من الله تَعَالَى الزلفة والعطف عَلَيْهِ فَيكون للأولياء عثرات يجدد الله تَعَالَى لَهُم بهَا كرامات ويبرز لَهُم مَا كَانَ مغيبا عَنْهُم من حبه إيَّاهُم وَعطفه عَلَيْهِم فينعشهم فَهُوَ مَعَ ذَلِك الذَّنب يَمِينه بيد الله لم يكله إِلَى نَفسه وَلَا تخلى عَنهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>