للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْقُرَّاء على ثَلَاثَة أَنْوَاع ديدان الْقُرَّاء والصادقون وَالصِّدِّيقُونَ فَأَما ديدان الْقُرَّاء فهم الَّذين تنسكوا فِي ظَاهر الْأَحْوَال تصنعا ليأكلوا بِهِ الدُّنْيَا قد رموا أَبْصَارهم إِلَى الأَرْض ومدوا بأعناقهم تيها وتكبروا إعجابا بِظَاهِر أَحْوَالهم يقصرون الْخَطَأ ويتماوتون وَيَنْظُرُونَ إِلَى أهل الذُّنُوب بِعَين الإزدراء حقارة لَهُم وعجبا بِأَنْفسِهِم أعْطوا الْقُوَّة على لبس الخشن وَالصَّبْر على ترك ملاذ الدُّنْيَا وشهواتها وسخت نُفُوسهم بترك جَمِيع اللَّذَّات فِي جنب لَذَّة ثَنَاء الْخلق عَلَيْهِم والتعظيم لَهُم وَالنَّظَر إِلَيْهِم بِعَين الإجلال وسولت لَهُم نُفُوسهم أَنه إِنَّمَا تنَال الرّفْعَة الْعُظْمَى عِنْد الْخلق بترك ظَاهر الدُّنْيَا ولذاتها حَتَّى تنَال ملكا بِلَا سلَاح وجندا بِلَا إرتزاق وغنى بِلَا خزانَة وَعبيد بِلَا ملك فسبت قُلُوبهم بِمَا مُنَاهُمْ فَأَقْبَلُوا على ترك الدُّنْيَا وذمها وذم من تنَاولهَا والطعن على من وسم بالغنى من أَئِمَّة أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أداهم جهلهم إِلَى أَن خَرجُوا على من وسع عَلَيْهِ هَذِه الدُّنْيَا من الرُّسُل عَلَيْهِم السَّلَام طَعنا ورميا فمرقوا من الدّين وَعظم شَأْن هَؤُلَاءِ فِي أعين الْخلق حِين تركُوا هَذَا الحطام وَكبر فِي صُدُورهمْ ذَلِك وَحَسبُوا أَنه لم يبْق وَرَاء هَذَا شَيْء وَإِن هَذَا عبد قد بلغ الْغَايَة وَلَا يعلمُونَ أَنه ترك شَيْئا قَلِيلا مِمَّا لَا يزن جَمِيع ذَلِك عِنْد الله تَعَالَى جنَاح بعوضة قد تركُوا الدُّنْيَا من حَيْثُ يظْهر لِلْخلقِ وأخذوها من حَيْثُ يخفى عَلَيْهِم اتَّخَذُوهَا بِتَرْكِهَا فِي الظَّاهِر واكتسبوا عِنْد الْخلق منزلَة نالوا فِي الْبَاطِن بِتِلْكَ الْمنزلَة أوفر مِمَّا تركوها وأسهل مِمَّا تناولوها يزرون على أهل الْغنى ويجفون أهل الذَّنب ويشمئزون عَن مُخَالطَة الْعَامَّة العبوس فِي وُجُوههم والتماوت فِي أركانهم وَعجب النَّفس فِي صُدُورهمْ وَسُوء الْخلق فِي أفعالهم وضيق الصَّدْر فِي عشرتهم الْوَاحِد مِنْهُم فِي نَفسه أعظم من

<<  <  ج: ص:  >  >>