للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمن تمسك بِالسنةِ بَين ظهرانيهم بعد تمكنهم من الرياسة ونفاذ القَوْل فيهم فقد هتك سترهم وكشف عورتهم وَأَبَان كذبهمْ وَحط رياستهم وَقطع مآكلهم وَقد بارزهم بالمحاربة وهم يستعدون لمحاربته ينتقصونه وَيطْلبُونَ الغوايل مِنْهُ فَصَارَت مؤنتهم عَلَيْهِ أعظم من مُؤنَة محاربة الْكَافرين لِأَن الْكَافِر لَا حُرْمَة لَهُ وَالْقلب والأركان قد تعاونوا عَلَيْهِ فِي إهلاكه وَهَذَا مَعَه حُرْمَة الْإِيمَان فَاحْتَجت إِلَى أَن تداريه وتداهنه وتلاطفه وترفق بِهِ وتراقب الله تَعَالَى فِي شَأْنه وتحتمل أَذَاهُ وَتحفظ جوارحك حَتَّى لَا تعتدي وقلبك حَتَّى لَا يجور وهمك فِيهِ حَتَّى لَا يغش وتنتظر الْفرج من خالقك وَترى تَدْبيره فِيهِ وفيك فَلذَلِك شبهه بالقابض على الْجَمْر لِأَن الْجَمْر يحرق الْيَد وَهَذَا يحرق الْقلب والكبد من تَغْيِيره الْحق عَن جِهَته واغترار الْخلق بِهِ وتحتاج أَن تعاشره معاشرة يسلم إيمانك وإيمانه وتذب عَن الْحق الَّذِي بِهِ ألف الله تَعَالَى الْعباد وجمعهم عَلَيْهِ ذبا لَا يدْخل عَلَيْهِ من نَاحيَة أُخْرَى بِمَا يؤذية ويثلمه وَتحفظ قَلْبك مَعَ الله تَعَالَى فِي هَذِه الْأَحْوَال لِأَن هَذَا الْمِسْكِين قد غلب عَلَيْهِ سكرتان سكرة الْجَهْل وسكرة حب الدُّنْيَا وخطاب السكارى على سَبِيل الْعدْل والإنصاف أَمر من الصَّبْر وَأَشد من الْقَبْض على الْجَمْر

قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه أَنْتُم الْيَوْم على بَيِّنَة من ربكُم تأمرون بِالْمَعْرُوفِ وتنهون عَن الْمُنكر وتجاهدون فِي سَبِيل الله ثمَّ تظهر فِيكُم سكرتان سكرة الْعَيْش وسكرة الْجَهْل وستحولون إِلَى غير ذَلِك يفشو فِيكُم حب الدُّنْيَا فَإِذا كُنْتُم كَذَلِك لم تأمروا بِمَعْرُوف وَلم تنهوا عَن مُنكر وَلم تجاهدوا فِي سَبِيل الله والقائمون يَوْمئِذٍ بِالْكتاب وَالسّنة فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة السَّابِقُونَ الْأَولونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>