للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فبالرحمة يرطب الْقلب ويروى وببعده من الرَّحْمَة يعطش فأورثه عَطش الْقلب عَطش يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه فِي الْقِيَامَة فِي تِلْكَ الْحَالة فَإِذا ترك العَبْد إتباع الْهوى وَامْتنع من الشَّهَوَات عَادَتْ الرَّحْمَة إِلَيْهِ فَروِيَ لِأَن برد الرَّحْمَة يسكن حرارة الشَّهْوَة الَّتِي تُؤدِّي إِلَى الْعَطش وَالصِّيَام هُوَ ترك الشَّهَوَات والمنى ورفض الْهوى وَإِنَّمَا جعل الْحَوْض حَوْض الرَّسُول غياثا لأهل الْموقف لأَنهم يقومُونَ عطاشا من قُبُورهم لأَنهم دخلوها مَعَ الْهوى والشهوات لم يفارقوها إِلَّا بمفارقة الرّوح وَخُرُوج النَّفس فَخَرجُوا من الدُّنْيَا عطاشا فاحتاجوا إِلَى الْحَوْض وَمن خرج من الدُّنْيَا وَفَارق الْهوى والشهوات سكن عطشه وَرُوِيَ برحمة الله من قرب الله فَدخل الْقَبْر رَيَّان وَخرج مِنْهَا إِلَى الله يَوْم الْقِيَامَة رَيَّان من كل مَاء عطشان إِلَى الله فَأُولَئِك الَّذين يسقون قبل دُخُول الْجنَّة حَتَّى يرووا من حَيْثُ عطشوا

رُوِيَ عَن مَالك بن دِينَار أَنه قَالَ يُنَادي مُنَاد يَوْم الْقِيَامَة أَيْن أهل الْعَطش فَأول من يقوم دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَام فيسقي على رُؤُوس الْخَلَائق فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب}

وَإِنَّمَا خص دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَام بذلك لِأَن الْخَطِيئَة عطشه فَهُوَ وَإِن تَابَ وَقبلت تَوْبَته وَغفر الله لَهُ فَذَلِك الْعَطش بَاقٍ إِلَى ذَلِك الْيَوْم

وَرَأَيْت رجلا من أمتِي والنبيون قعُود حلقا حلقا لما دنا إِلَى حَلقَة طرد فَجَاءَهُ اغتساله من الْجَنَابَة فَأخذ بِيَدِهِ فأقعده إِلَى جَنْبي

قَالَ أَبُو عبد الله فالجنابة إِنَّمَا سميت جَنَابَة لِأَن المَاء الَّذِي جرى من صلبه قد كَانَ جاور فِي الأَصْل مياه الْأَعْدَاء فِي ظهر آدم عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>