للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان الأصمعي يقول: كانوا فيما مضى يرمون بسهمين سهمين، ثم يرد السهمان على الرامي، واللأم مهموز هو السهم، وإنما أخذ من الملتئم في الريش. وحارثة بن لأم من هذا، وقال الشاعر:

يظنُّ النَّاسُ بالملَكَيْ ... نِ أنَّهما قد التأما

فإنْ تسمحْ بليمِهما ... فإنَّ الأمرَ قد فقَمَا

اللَّيم: الصلح، سمي به لأنه لا يكون إلاّ عن التئام.

قال الأصمعي: أوقات للعرب تذكرها، منهن زمن الفِطحل، يقولون: كان ذلك زمن الفِطحل، إذ السِّلام رطاب، ومنهن أعوام الفتَق قال رؤبة:

لمْ تُرْجَ بعدَ أعوامِ الفتَقْ

وإنما يشيرون به إلى زمن الخصب والخير، ومنهن أزمان الخُنان، وهذا يشيرون به إلى الشر والآفات، وقال جرير:

وأكوِي النَّاظرينَ من الخُنانِ

يضربه مثلاً، لأن البعير إذا أصابه الخُنان كوي ناظراه وهما عرقان.

الأصمعي قال: القربة للماء، والوطب سقاء اللبن، والنِّحْي بكسر النون للسمن والرُّبّ، والزِّق وهو المزفت للخمر والخل وما أشبههما، ويقال: ما الصفا الزلال الذي لا تثبت عليه أقدام العلماء، فيقال: الطمع.

قال: وكان ابن هبيرة يتعوذ من الحيات والعقرب والعِلج إذا استغرب.

قال: وكان بلال يتعوذ من الشيطان والسلطان، قال: ويقال لأذن الفرس: كأنه سنف مرخة صفراء، والسِّنف: بيت يخرج في أصل الرخ كهيئة الثمر، وإذا جف ثمره وتحاتَّ عنه بقي السِّنف محدودباً أجوف مؤلَّلاً كأنه قذَّة سهم، فشبهت الأذن به.

دخل رجل على معاوية فسأله عن عطائه، فقال: ألفان وخمس مائة درهم، فقال: ما بال العلاوة بين الفودين؟ فألقى خمس المائة من عطائه وأثبت له ألفين. والفودان وعاءان كبيران يحملان على البعير أو الدابة، ويعليان بوعاء آخر دونهما يجعل بينهما، وهذا مثل يضرب، والفودان: شقَّا الرأس أيضاً.

الأصمعي: يقال: الدافع: الماء في الوادي من الجبل أو كل مشرف وإذا كان دفع صغير فهو شعبة، وإذا كان أعظم فهو تلعة، فإذا زاد عليها فهي ميثاء، قال: وما كان في القرار فهو قريِّ، والمِذنب: إذا دفع في الروضة.

قال أبو زيد: ما له سعنة ولا معنة، أي: ما له قليل ولا كثير، وقيل: السَّعنة: الودك، والمعنة: المعروف، ومنه الماعون، وقد يحذف الهاء منهما فيقال: ما له سعن ولا معن، ولا عافطة ولا نافطة، فالعافطة: الضائنة، والنافطة: الماعزة، وهي التي تنثر بأنفها. وما له سارح ولا رائح، فالسارح الذي يغدو، والرائح: الذي يروح. وما له هبع ولا ربع. وما له زرع ولا ضرع. وما له ثاغية ولا راغية، يعني الشاة والبعير. وما له سبد ولا لبد. وما له خير ولا مير، من مارهم يميرهم، والهبع الذي ينتج في آخر الزمان، ويقال: عفط بضأنه يعفط عفطاً.

قال الأصمعي: السيف الخشيب عند الناس الصقيل، وإنما هو الذي بُرد ولم يليَّن، ويقال: أفرغت من السيف؟ فيقول مجيباً له: قد خشبته، وكذلك النبل يخشب ثم يخلق، فالخشب: البري الأول، والتخليق: تليينها عند الفراغ منها، ومنها الصفاة الخلقاء وهي اللينة، ويقال: سيف مشقوق الخشيبة، وهو تعريضه عند طبعه، ثم تشقه فتجعل فيه سيفين، ويقال: فلان يخشب الشعر، أي: يمرُّه كما يجيء ويتفق ولا يتأنق فيه، وقال العجاج:

وقترةٍ منْ أثَلٍ ما تخشَّبَا

يقال: تخشب الأثل منه قترة، والتخشب ألا يلقي عن الخشب شعبه وزوائده وهذا كما يقال: خرج يتقضَّب القضبان، وخرج يتكمَّأ الكمأة، وقال بعض حكماء العرب: إن صلاة الأوابين حين ترمض الفصال. ويقال: فلان مخضَّم، وفلان مقضَّم، والمخضم أحسنها عداء وألينها عيشاً، وقد قضم يقضم، وخضم يخضم.

وحكي عن أبي ذر رحمه الله: تخضمون ونقضم والموعد الله. ويقال: جاد ما حبك ثوبه يعني النسيج، ومن الأمثال: الصريح تحت الرغوة.

وحكي عن ابن عمر عن الحسن أنه قال: حادثوا هذه القلوب فإنها سريعة الدثور، وأقذعوا هذه النفوس فإنها طُلعة.

الأصمعي: أخبرنا الوليد بن القاسم، قال: قال معاوية: وما كان في الشباب شيء إلاّ وقد كان فيَّ منه مستمتع، ألا أني لم أكن نُكحة ولا صُرعة ولا سبّاً، أي: لم أكن شديد السِّباب.

مسألة من التنزيل

<<  <   >  >>