للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت وَلَا يدْفع ذَلِك إِلَّا من تَحْصِيل أَمريْن

أَحدهمَا أَن تصريف النِّعْمَة فِي الطَّاعَة متوقفة على معرفَة مَا هِيَ الطَّاعَة وَمَتى فَاتَ ذَلِك لم يُمكن الْقيام بِحَق الشُّكْر

الثَّانِي أَن الكفران بتصريف النِّعْمَة فِي الْمعْصِيَة إِمَّا بترك الإستعمال جملَة أَو تعلقهَا بهَا مُخَالفَة فالنقدان مثلا إِن نفقا فِي طَاعَة وَاجِبَة أَو مَنْدُوبَة فشكران وَإِن كنزا تعطيلا لحكمة الإنتفاع بهما فكفران والمعاملة بهما بالربا وانفاقهما فِي سرف أَو مَحْظُور أَو صوغهما آنِية أَسْوَأ فِي الكفران من مُجَرّد اكتنازها فَقَط

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة مُتَعَلق الشُّكْر من النعم ضَرْبَان

أَحدهمَا مَا هُوَ نعْمَة بِنَفسِهِ حَسْبَمَا يرد تقسيمه إِن شَاءَ الله وَالشُّكْر عَلَيْهِمَا لَا أشكال فِيهِ

الثَّانِي مَا يتَضَمَّن النِّعْمَة كالشدائد والمصائب فقد قَالَ عمر بن الْخطاب مَا ابْتليت ببلية إِلَّا كَانَ الله على فِيهَا أَربع نعم إِذْ لم تكن فِي ديني وَإِذ لم تكن أعظم وَإِذ لم أحرم الرضى بهَا وَإِذ رَجَوْت الثَّوَاب عَلَيْهَا

قَالَ الْغَزالِيّ وَمِنْهَا أَنَّهَا زائلة وَأَنَّهَا من الله تَعَالَى وَأَن كَانَت بِسَبَب مَخْلُوق فَإِنَّهُ لَك عَلَيْهِ لَا لَهُ عَلَيْك

قلت وَإِنَّهَا تخفف الذُّنُوب أَو تحطمها قَالُوا فالشكر إِنَّمَا هُوَ على النعم المقترنة بالشدة لَا على مجردها من حَيْثُ هِيَ وَالصَّبْر هُوَ الْوَاجِب فِيهَا من تِلْكَ الْجِهَة

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة قَالَ الْغَزالِيّ النعم قِسْمَانِ دنيوية ودينية فَالْأولى ضَرْبَان نعْمَة نفع ونعمة دفع فنعمة النَّفْع الْخلقَة السوية والملاذ الشهية ونعمة الدّفع سَلامَة النَّفس من آفاتها الذاتية ووقايتها من المؤذيات الخارجية

وَالثَّانيَِة ضَرْبَان نعْمَة توفيق ونعمة عصمَة فنعمة التَّوْفِيق لِلْإِسْلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>