للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حِكْمَة طبيعية قَالَ وسره أَن العصبية الْعَامَّة للقبيل هِيَ مثل المزاح للمتكون وَهُوَ إِنَّمَا يكون عَن العناصر وَقد تبين فِي مَوْضِعه إِنَّهَا إِذا اجْتمعت اجْتمعت متكافئة لَا يَقع مِنْهَا مزاج أصلا إِلَّا بعد أَن يغلب فِيهَا وَاحِد اجْتمعت على الآخر وَحِينَئِذٍ يَقع الامتزاج

قَالَ وَكَذَلِكَ تِلْكَ العصبيات لَا بُد من غَلَبَة وَاحِدَة مِنْهَا حَتَّى تجمعها وتضمها وتصيرها عصبية وَاحِدَة كبرى وَلَا يُوجد ذَلِك إِلَّا لِذَوي رياسة فيهم ثمَّ لَا بُد من تعْيين وَاحِد مِنْهُم لرياسة الْجَمِيع لغَلَبَة منتبه وغرسه

تركيب قَالَ وَإِذا تعين لَهُ ذَلِك فَمن الطبيعة الحيوانية خلق الْكبر والانفة فترجح حِينَئِذٍ عَن الْمُشَاركَة فِي استتباعهم وَيَجِيء خلق التأله الَّذِي فِي طباع الْبشر على مَا تَقْتَضِيه السياسة من انْفِرَاد الْحَاكِم لفساد النظام بالتعدد لَو كَانَ فيهمَا الهة إِلَّا الله لفسدتا ليجدع انوف العصبية ويصدهم عَن الْمُشَاركَة لَهُم فِي التحكم وَيخْتَص بِهِ مَا اسْتَطَاعَ حَتَّى لَا يتْرك لاحدهم ناهزا فِي الْأَمر وَلَا حملا فيفرد لَا محَالة بالمجد كُله

قَالَ وَقد يتم ذَلِك للْأولِ من مُلُوك الدولة وَقد لَا يتم إِلَّا للثَّانِي أَو الثَّالِث على قدر ممانعة العصبيات وقوتها إِلَّا انه أَمر لَا بُد لَهُ مِنْهُ فِي الدول سنة الله فِي عباده

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة الترف وَذَلِكَ أَن الْأمة إِذا تغلبت على مَا يبد ذَوي الْملك قبلهَا كثر رياشها وعوائد نعمها وتجاوزوا ضروريات الْعَيْش وخشونته

<<  <  ج: ص:  >  >>