للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فرحّلَ بالشبابِ الشيبُ عنَّا ... فليتَ الشيبَ كانَ به الرحيلُ

وقد كانَ الشبابُ لنا خليلاً ... فقد قضَّى مآربهُ الخليلُ

وقال أبو نواس:

كانَ الشبابُ مطيَّةَ الجهلِ ... ومحسّنَ الضحكاتِ والهزلِ

كانَ الشفيعَ إلى مآربهِ ... عندَ الفتاةِ ومدركَ التبلِ

التبل: الترة والذَّحل، يقال: أصبت بتبل أي بذحل، والجمع تبول، ويقال: تبلهم الدهر وأتبلهم: أفناهم.

كانَ الجميلَ إذا ارتديتُ به ... ومشيتُ أخطر صيّت النعلِ

والباعثي والناسُ قد رقدوا ... حتى أكونَ خليفةَ البعلِ

ومنها، وقد أجاد ما شاء:

والآمري حتى إذا عزمتْ ... نفسي أعانَ يديَّ بالفعلِ

أبو عبادة البحتري:

فأضللت حلمي والتفتُّ إلى الصبا ... سفاهاً وقد جزتُ الشبابَ مراحلا

فللهِ أيامُ الشبابِ وحسنُ ما ... فعلنَ بنا لو لم يكنّ قلائلا

ابن نباتة السعدي:

لا يبعدن زمن البطالة والصبا ... والعيشُ في ظلِّ الزمانِ الناضرِ

أيامَ تُغفرُ للشباب ذنوبهُ ... والشيبُ ليسَ لذنبهِ من غافرِ

بشار بن برد:

ولقد جريتُ مع الصبا طلقَ الصبا ... وركضتُ حتى لم أجدْ لي مركضا

وعدمتُ ما علمَ امرؤٌ من دهرهِ ... فأطعتُ عاذلتي وأعطيتُ الرِّضا

أخذه أبو نواس فقال:

ولقد نهزتُ مع الغواة بدلوهم ... وأسمتُ سرحَ اللهو حيثُ أساموا

وبلغتُ ما بلغَ امرؤ بشبابهِ ... فإذا عصارةُ كلِّ ذاكَ أثام

أخذه أمين الدولة بن التلميذ:

كانتْ بلهنيةُ الشبيبةِ سكرةً ... فصحوتُ واستأنفتُ سيرةَ مجملِ

وقعدت أرتقبُ الفناءَ كراكبٍ ... عرفَ المحل فباتَ دونَ المنزلِ

ومثله لأحمد بن أبي طاهر طيفور:

كان الشبابُ مطيةً أنضيتُها ... في اللهو بين محرمٍ ومحللِ

وبلغتُ غايةَ ما يلذّ به الفتى ... من صبوةٍ وفتوَّةٍ وتغزّلِ

فلهوتُ غيرَ معللِ وفتكتُ غي ... ر مضللٍ ونسكت غير معذلِ

وأخذته منهم فقلت:

ولقد سكرتُ غداة خمّاري الصبا ... وصحوتُ إذْ لاحَ المشيبُ بمفرقي

ونزعت عن عيني وقلتُ للائمي ... ها قد أطعتكَ في مرادك فارفقِ

أبو العلاء أحمد بن سليمان المعري التنوخي:

إذا الفتى ذمّ عيشاً في شبيبتهِ ... فما يقولُ إذا عصرُ الشبابِ مضى

وقد تعوضتُ عن كلٍّ بمشبههِ ... فما وجدتُ لأيامِ الصبا عوضا

وقد أحسن مهيار في قوله:

ما أنكرتْ إلاّ المشيبَ فصدتِ ... وهي التي جنتِ المشيبَ هي التي

وأُلامُ فيكِ وفيكِ شبتُ على الصبا ... يا جورَ لائمتي عليكِ ولمَّتي

أنشدني كمال الدين بن محمد للسيد ابن طباطبا العلوي:

كان عصر الشباب ظلاً ظليلاً ... تتفيا بعقوتيه الظباء

العقوة: الساحة وما حول الدار.

كانَ عصر الشباب جنة دنيا ... أجتني من ثماره ما أشاءُ

لو ثوى نازلاً لما قلتُ فيه ... ربَّ ثاوٍ يملُّ منه الثواءُ

آخر:

شيآنِ لو بكتِ الدماءُ عليهما ... عيناي حتى يأذنا بذهابِ

لم يبلغا المعشار من حقيهما ... شرخ الشباب وفرقة الأحبابِ

شرخ الشباب: أوله، والشارخ: الشباب.

وقلت:

هل معيدٌ عصرَ الشبابِ وعيشاً ... خلتُ أوقاتَه خيالاً زارا

إذْ مغاني الحمى أواهل تجلو ... للعيونِ الشموسَ والأقمارا

وقلت:

زمن اللهو والبطالة جادت ... ك دموعي فصوبهنّ مطيرُ

وسقى عهدنا بمخدعها در ... شؤبوبها مُلثٌّ غزيرُ

الشؤبوب: الدفعة من الغيث، والجمع: الشآبيب، والملث: الدائم.

دار لهو قضيت فيها شبابي ... وخلعت العذار وهو طريرُ

يقال: طرَّ النبت يطرُّ، بالضم، طروراً: نبت، ومنه: طر شارب الغلام.

وإذا ما الشبابُ ولَّى فما أن ... ت على فعل أهله معذورُ

فاتباعُ الهوى وقد وخطَ الشيبُ ... وأودى غصنُ التصابي غرورُ

وخطه الشيب: خالطه. وقلت:

ولقد ذكرت وأيّ صبّ شفه ... بعدٌ وهجران ولم يتذكرِ

أيام لا ظل الصبا بمقلص ... عنا ولا ورد الهوى بمكدرِ

<<  <   >  >>