للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وخرجتُ من أعجازه فكأنَّما ... يهتزُّ في بُرديَّ رمحٌ ذابلُ

ورأيتُ أغباشَ الدجى فكأنَّما ... حزقُ النَّعامِ ذُعرن فهي جوافلُ

الغبش: البقية من الليل، وقيل: ظلمة آخره، والحزق: الجماعات.

وحميتُ أصحابي الكرى وكأنَّهم ... فوقَ القلاصِ اليعملاتِ أجادلُ

وقال آخر:

ربَّ ليلٍ كالبحر هولاً وكالده ... ر امتداداً وكالمداد سوادا

خضته والنجوم يوقدن حتّى ... أطفأ الفجرُ ذلك الإيقادا

قال أحمد بن محمد المصيصي:

كأنَّ بينَ هزيعيهِ نوًى قذفاً ... وبُعد ما بين قلب الصبِّ والجلدِ

كأنَّما فرقداه في ائتلافهما ... ياقوتتا ملكٍ أو ناظرا أسدِ

حتّى تنبَّه فجرٌ من خلال دجَى ... كأنَّه مقلةٌ زرقاء في رمدِ

البحتري:

ولقد بعثنا اليعملاتِ قواصداً ... لفنائكَ المأنوسِ قصدَ الأسهمِ

تطوي الفيافي والنجومُ كأنَّها ... خلل الحنادسِ شعلةٌ في أدهمِ

وقال أبو فراس الحارث بن سعيد وأجاد:

لبسنا رداءَ الليلِ والليلُ راضعٌ ... إلى أنْ تردَّى رأسهُ بمشيبِ

وبتنا كغُصني بانةٍ عانقتهُما ... مع الصبحِ ريحاً شمألٍ وجنوبِ

إلى أن بدا ضوء الصباح كأنه ... مبادي نصولٍ في عذارِ

فيا ليلُ قد فارقتَ غيرَ مذمَّمٍ ... ويا صبحُ قد أقبلتَ غيرَ حبيبِ

وقال آخر:

زارني والدجى أحمّ الحواشي ... والثريا في الغرب كالعنقودِ

وكأنَّ الهلال طوق عروسٍ ... حلّ منها على غلائل سودِ

ليلةَ الوصل ساعدينا بطولٍ ... طوَّل اللهُ فيك غيظ الحسودِ

ومن أحسن ما قيل في استتار النجوم بالغيم قول أبي المعتصم:

وليلٍ كأنَّ نجوم السماء ... به أعينٌ رُنِّقت للهجوعِ

ترى الغيم من دونها حاجباً ... كما احتجبت مقل بالدموعِ

وأحسن ما قيل في الهلال قول ابن المعتز:

وجاءني في قميصِ الليلِ مستتراً ... يستعجل الخطو من خوفٍ ومن حذرِ

ولاحَ ضوءُ هلالٍ كادَ يفضحهُ ... مثل القُلامةِ إذ قُصَّت من الظفرِ

وقال آخر:

وكأنَّ الهلال شطر سوارٍ ... والثريا كفّ تشير إليه

وقد أحسن أبو عبد الله بن الحجاج ما شاء في قوله:

يا صاحبيّ تنبّها من رقدةٍ ... تُزري على عقلِ اللبيبِ الأكيسِ

هذي المجرَّة في السماءِ كأنَّها ... نهرٌ تدفَّق في حديقةِ نرجسِ

وقال أبو هلال العسكري:

ليل كما نفضَ الغرابُ جناحَه ... متلونُ الأعلى بهيمُ الأسفلِ

تبدو الكواكبُ في المجرَّة سُرّعاً ... مثل الظباءِ كوارعاً في منهلِ

وقال أيضاً:

قم بنا نذعر الهموم بكأسٍ ... والثريا لفرقِ الليلِ تاجُ

وقد انجرَّت المجرّة فيها ... كسبيب يمدُّه نسّاجُ

وقال آخر:

يا ليلةً طلعت بأيمن طائر ... تاهت على ضوءِ النهارِ الناصعِ

بمحاسنٍ مقرونةٍ بمحاسنٍ ... وبدائعٍ موصولةٍ ببدائعِ

ضوءُ العُقار وضوءُ وجهك مازجَا ... ضوءَ الهلال وضوءَ برقٍ لامعِ

وقال أبو بكر الضبي:

وليلةٍ كالرفرف المعلم ... محفوفة الحندس بالأنجمِ

تعلَّق الصبح بأعجازها ... تعلُّقَ الأشقر بالأدهمِ

وقال ابن طباطبا:

يا ليلة حليت بزهر نجومها ... وسهرتها حتّى بدت لي عاطلا

لم يرضَ ليلي إذ تجلَّى بدرهُ ... حتّى أراني فيه منك مخائلا

فطفقت أرمق منه بدراً طالعاً ... وطفقت اذكر منك بدراً آفلا

ابن المعتز:

في ليلةٍ أكلَ المحاقُ هلالها ... حتّى تبدَّى مثلَ وقفِ العاجِ

والصبح يتلو المشتري فكأنَّه ... عريانُ يمشي في الدجى بسراجِ

وقال أيضاً:

يا ليلة ما كانَ أطي ... بها سوى ليلِ البقاءِ

أحييتُها وأمتُّها ... وطويتُها طيَّ الرداءِ

حتّى رأيتُ الشمس تتل ... والبدرَ في أفقِ السماءِ

فكأنَّها وكأنَّه ... قدحانِ من خمرٍ وماءِ

وقال:

كأنَّ سماءنا لمَّا تجلَّت ... خلالَ نجومِها غبَّ الصباحِ

رياضُ بنفسجٍ خضلٍ نداهُ ... تفتَّح بينها نورُ الأقاحِ

محمد بن الآمدي:

<<  <   >  >>