للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ورثّ قميص الليل حتّى كأنَّه ... سليبٌ بأنفاسِ الصبا متوشحُ

ولاحت بطيَّات النجوم كأنَّها ... على كبدِ الخفراءِ نورٌ مفتّحُ

وقال ابن الزمكدم وأجاد ما شاء، وهي بباب الهجاء أنسب، ولكنها تضمنت تشبيه الليل والصبح فذكرتها هنا:

وليلٍ كوجه البرقعيدي ظلمةً ... وبرد أغانيه وطول قرونهِ

سريت ونومي فيه نومٌ مشرّدٌ ... كعقلِ سليمان بن فهد ودينهِ

على أولقِ فيه اختباط كأنَّه ... أبو جابر في خبطهِ وجنونهِ

إلى أن بدا ضوء الصباح كأنَّه ... سنا وجهِ قرواش وضوء جبينهِ

أبو هلال:

وكأنَّ الهلالَ مرآةُ تبرٍ ... تنجلي كلَّ ليلةٍ إصبعينِ

آخر:

والجوُّ صافٍ والهلال مشنّفٌ ... بالزهرة البيضاء نحو المغربِ

كصفيحةٍ زرقاءَ فيها نقطةٌ ... من فضةٍ من تحت نون مُذهبِ

فيه أنه جعل النقطة تحت النون وهذا غير معروف.

وقد أحسن ابن النبيه في قوله:

والليلُ تبدو الدَّراري في مجرَّته ... كالماءِ تطفو على روضٍ أزاهرهُ

وكوكبُ الصبح نجّابٌ على يده ... مخلّقٌ تملأُ الدنيا بشائرهُ

وقال ابن الحنفي:

لله زورته وقد حلَّى الدجى ... جيد السماء بكلّ نجم زاهرِ

وغدت نجوم الأفق ليلة زارني ... كالبدر بين مراقبٍ ومسامرِ

فالقلب منها مثل قلبي خافق ... والطرفُ منها مثل طرفي الساهر

وقال أيضاً:

وكأنَّ النجومَ نورُ رياضٍ ... وكأنَّ المريخَ شعلةُ نارِ

ابن طباطبا:

والصبح في صفو الهواء مورّدٌ ... مثل المدامة في الزجاج تشعشع

وقال أيضاً:

وليل نصرت الغيّ فيه على الرشدِ ... وأعديتُ فيه الهزل منِّي على الجدِّ

إلى أن تجلَّى الصبح من خلل الدجى ... كما انخرط السيفُ اليمانيّ من غمدِ

ابن المعتز:

تظلُّ الشمسُ ترمقُنا بلحظٍ ... خفيٍّ مدنفٍ من تحتِ سترِ

تحاولُ فتقَ غيمٍ وهو يأبى ... كعِنِّينٍ يرومُ نكاحَ بكرِ

أبو هلال:

ملأ العيون غضارةً ونضارةً ... صحوٌ يطالعنا بوجه مونقِ

والشمس واضحة الجبين كأنَّها ... وجهُ المليحة في الرداءِ الأزرقِ

وكأنَّها عندَ انبساطِ شعاعها ... تبرٌ يذوبُ على فروعِ المشرقِ

وأحسن ما قيل في غروب الشمس:

إذ رنَّقت شمسُ الأصيلِ ونفّضتْ ... على الأفقِ الغربيِ ورساً مزعزعا

ولاحظتِ النوّار وهي مريضةٌ ... وقد وضعتْ خدّاً إلى الأرضِ أضرعا

كما لا حظت عواده عين مدنفٍ ... توجع من أوصا به ما توجعا

وظلّت عيونُ النورِ تخضلُّ بالندى ... كما اغرورقتْ عينُ الشجيَّ لتدمعا

وقال المجد بن الظهير الإربلي من قصيدة يمدح بها السعيد تاج الدين رحمه الله تعالى:

وفلاةٍ فليتها بأمونٍ ... هلَّت البيدُ وخدها والذّميلا

الأمون: الناقة الشديدة التي أُمن عثارها.

مثل ظهر المجنّ لا يجد الخرّي ... ت فيها إلى سبيل سبيلا

تجد الآل خافقاً قلبه في ... ها إذا أمّت الوجوه المقيلا

جبتُها والظلام راهب ليلٍ ... جاعلٌ كلّ كوكبٍ قنديلا

أو عظيم للزنج يقدم حبشاً ... قد أعدُّوا أسنّةً ونصولا

وكأنَّ السماءَ روض أريض ... نوره بات بالندى مطلولا

وكأنَّ النجوم درّ عقودٍ ... عاد عقدُ سلكها محلولا

ليلة كالغداف لو لم يرعها ... باز فجر ما أوشكت أن تزولا

رقّ جلبابُ جنحِها وبدا شفاً ... كما شارف الخضاب النصولا

وتولَّت وأشهب الصبح يتلو ... أدهم الليل وانياً مشكولا

وكأنَّ الصباحَ ميلُ لجينٍ ... كاحل للظلام طرفاً كحيلا

ما انتهت والسهاد حتّى انتهى ... الصبر ورحنا من حمرة السهد ميلا

وثنى النجم عن سراهُ عِناناً ... مطلقاً وانبرى النسيم عليلا

واجتلينا النهار فيه كوجه ال ... صاحب الصدر مجتدًى مأمولا

وقلت من أبيات:

وليلٍ غُدافيّ الإهابِ ارتديته ... وصحبي نشاوى من نعاس ومن لغبِ

كأنَّ السماء اللازوردي مطرفٌ ... وأنجمه فيه دنانير من ذهبْ

قد اطَّردت فيه المجرَّة جدولاً ... فلاح عليها من كواكبها جنبْ

<<  <   >  >>