للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الخامس: أبو العباس ثعلب: ٢٠٠ - ٢٩١هـ

إن الحديث عن المبرد يدفع بنا -دون شك- إلى الحديث عن ثعلب فهما علمان من أعلام العربية متعاصران، وكان فرسي رهان وكل منهما صاحب مذهب وإمام مدرسة؛ فالأول زعيم البصريين، والثاني زعيم مدرسة الكوفيين في مجال علوم النحو واللغة، ولقد ألممنا بأطراف غير قليلة من أخبار ثعلب ونحن نعرض لحياة المبرد وأخباره.

وثعلب مجرد صفة شهرة للعالم الجليل أبي العباس، أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار الشيباني بالولاء، اللغوي النحوي، المحدث الراوية الثقة الحافظ الواسع بحار العلم، العميق الإلمام بلغة العرب وأسرارها، صاحب الأبحاث النفسية والتآليف الجليلة.

لقد كان ثعلب -فيما تروي كتب التراجم- مقدمًا عند الشيوخ منذ هو حدث، وكان ابن الأعرابي على جلال قدره في اللغة إذا شك في شيء قال له: ما تقول يا أبا العباس في هذا؟ ثقة بعلمه واطمئنانًا لغزارة حفظه١.

لقد نشأ أبو العباس ثعلب في رحاب علوم العربية منذ أن كان حدثًا صغيرًا، وأعد نفسه لتحمل أعباء موضوعاتها وقضاياها منذ وقت مبكر، إنه يقول٢: ابتدأت في طلب العربية سنة ست عشرة ومائتين -أي وعمره ست عشرة سنة- ونظرت في "حدود" الفراء وسني ثماني عشرة سنة، وبلغت خمسًا وعشرين سنةً وما بقيت علي مسألة للفراء إلا وأنا أحفظها. فإذا عرفنا أن الفراء -ولنا معه وقفة في فصل التأليف في اللغة- كان يلقب بأمير المؤمنين


١ وفيات الأعيان "١/ ١٠٢" وتاريخ بغداد "٥/ ٢٠٥" ونزهة الألباء "٢٩٩".
٢ وفيات الأعيان "١/ ١٠٢".

<<  <   >  >>