للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قلائد العقيان]

أولًا: كتاب قلائد العقيان يضم نصوصًا شعرية ونماذج نثرية لعدد وفير من معاصريه الأدباء والشعراء والوزراء، والرؤساء والأمراء الذين يبلغ عددهم ثمانية وخمسين عينًا.

ويذكر ياقوت الحموي أن الفتح عمد إلى طريقة بارعة بل ماكرة في جمع كتابه، فقد جعل يرسل إلى كل واحد من ملوك الأندلس، ووزرائها وأعيانها من أهل الأدب والشعر يعرفه عزمه على تأليف كتابه ويسأله إنفاذ شيء من شعره ونظمه ونثره، ولكي يضمه إلى مادة الكتاب، فعمد أكثرهم إلى إرسال منتخبات من أعمالهم الأدبية إليه مصحوبة بالهدايا والمال، ويستطرد ياقوت قائلًا: فكل من أرضته صلته أحسن في كتابه وصفه وصفته، وكل من تغافل عن بره هجاه وثلبه١.

ويبدو أن رواية ياقوت على جانب كبير من الصدق، فإننا نلاحظ أن صاحب القلائد يسرف في مدح بعض من يترجم لهم إسرافًا شديدًا، ويمعن في النيل من شمائل بعضهم الآخر نيلًا شديدًا ولو كانوا من ذوي الأدب والفضل.

يقول ياقوت مدللًا على ذلك إن الفتح كان قد أرسل إلى أبي بكر بن باجه المعروف بابن الصائغ للغرض نفسه، وكان حينئذ وزيرًا لصاحب المرية، فلما وصلت إليه رسالته تهاون في الرد عليه، ولم يجبه إلى طلبه، وبالتالي لم يرسل إليه شيئًا من عطاء، فلم يكن من الفتح إلا أن أورد في كتابه "القلائد" ترجمة مليئة بالهجاء، مفعمة بالسباب كلها تشهير ونيل من فضل ابن باجه، يقول في مستهلها: "هو رمد جفن الدين وكمد نفوس المهتدين،


١ معدم الأدباء "جـ١٦، ص١٨٧".

<<  <   >  >>