للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثامن: المدائني: ١٣٢ - ٢٢٥هـ

وفي مجال وفرة التأليف والاحتفال به في فجر النهضة العلمية، والحركة الثقافية العربية الإسلامية لا ينبغي أن نغفل عن ذكر أبي الحسن علي بن محمد المدائني، البصري ميلادًا ونشأة، الذي سكن المدائن فترة من الزمن فنسب إليها، ثم ما لبث أن تحول إلى بغداد وجعل منها دار إقامة إلى آخر حياته الطويلة التي ناهزت قرنًا من الزمان. إنه ولد مع مولد الدولة العباسية سنة١٣٢هـ وعاصر منذ مولده ثمانية من الخلفاء آخرهم المعتصم، ولكنه لم يتصل بهم جميعًا بل ربما لم تتوثق صلته إلا بالمأمون الذي كان يحب العلماء ويجالس الفضلاء، وقد أدخل المدائني على المأمون أكثر من مرة، وجرت بينهما أحاديث ورويت عن لقائهما أخبار١.

غير أن المدائني كان ذا صلة بإسحاق الموصلي الذي كان يبره ويملأ كمه -حسب تعبيره- من أعلاه إلى أسفله دنانير ودراهم، ويبلغ من ملازمته له أن يموت في بيته٢.

وكان المدائني ذا علم وفير، وكان ثقة في روايته ومحلًّا لتقدير العلماء، وينسب الخطيب البغدادي إلى المرزباني قوله: من أراد أخبار الجاهلية فعليه بكتب أبي عبيدة، ومن أراد أخبار الإسلام فعليه بكتب المدانئني٣، وقد وافق المرزباني في ذلك كثرة من المؤرخين المرموقين وفي مقدمتهم صاحب النجوم الزاهرة.

وقد لزم المدائني جانب الفضل والدين حتى إنه واصل الصوم تقربًا إلى الله لمدة


١ معجم الأدباء "١٤/ ١٢٨".
٢ المصدر "١٤/ ١٢٦".
٣ تاريخ بغداد "١٢/ ٥٥".

<<  <   >  >>