للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ملاحظة]

لعلك بعد تحقيق أول ما نزل وآخره تستطيع أن تستدرك على ما أسلفناه في المبحث الثالث تقديرا لمدة نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ناقلين إياه عن بعض محققي تاريخ التشريع الإسلامي. ذلك أنه اعتبر يوم التاسع من ذي الحجة سنة عشر من الهجرة هو آخر أيام النزول وكأنه اعتمد على ما فهمه في قوله سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية من أنه إكمال للدين بإكمال نزول القرآن. لكنك قد علمت ما فيه.

فلتضف أنت إلى تلك المدة التي ذكرها اثنين وسبعين يوما هي عدة الفرق بين التسعة والواحد والثمانين يوما إذ أن آية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعدها أحدا وثمانين يوما كما روي وآية {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} عاش صلى الله عليه وسلم بعدها تسعة فقط كما عرفت.

أما مبدأ نزول الوحي بالقرآن فمعلوم أنه كان في اليوم الذي هبط فيه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بغار حراء بصدر سورة اقرأ. وقد قالوا: إنه يوافق السابع عشر من رمضان واعتمدوا في ذلك على قوله سبحانه في سورة الأنفال: {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} . فجعل يوم الفرقان هو يوم التقاء الجمعين في غزوة بدر. وكان يوافق السابع عشر من رمضان على ما ذكره بعض أصحاب المغازي والسير.

ولا ريب أن هذا احتمال في الآية مقبول ولكن هذا الاحتمال لا يكفي في مثل هذا المقام لأنه احتمال مرجوح وظاهر الأدلة على خلافه. ذلك لأن السنة الصحيحة جاء فيها ما يفيد صراحة أن أرجى ما تكون ليلة القدر التي نزل فيها القرآن في الوتر في العشر الأخير من رمضان. وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء. بل ثبت من طريق

<<  <  ج: ص:  >  >>