للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقف النعيم على الصِّبا ... وزللت عن تِلكَ المواقفْ

وقال أبو نواس:

دع البساتينَ من وردٍ وتفّاحِ ... واعدِلْ هُديتَ إلى دير الاكيراحِ

اعدِل إلى نَفَرٍ، دقّت شُخوصُهم ... من العبادة، إلا نِضوَ أشباحِ

يكرِّرون نواقيساً مرجَّعةً ... إلى الزَّبور بإمساءٍ، وإصباح

فعدّ سمعَك عن صَوتٍ تكرَّهه ... فلستُ تسمعُ فيه صوتَ فلّاحِ

إلا الدراسةَ للانجيلِ من كَثَبٍ ... ذِكرَ المسيح بابلاغٍ وإفصاحِ

يا طيبةً، وعتيقُ الراحِ تحفتُهم ... بكل نوعٍ من الطاسات رَحراحِ

يسقيكَها مُدمجُ الخصْرين، ذو هيَفٍ ... أخو مدارع صُوفٍ فوق أمساحِ

حكى أحمد بن عمر الكوفي، قال: كان بالكوفة رجل أديب ضعيف الحال يقبل مهما وقع في يده من شيء، أتي به دير حنَّة فيشرب فيه حتى يسكر، ثم ينصرف إلى أهله، ويقول: يعجبني من الغراب بكوره في طلب الرزق. وربما بات به، ويقول:

تطاولَ ليلُك بالزاويه ... وكان المبيتُ بها عافيهْ

ومن تحت رأسِك آجرةٌ ... وجنبك مُلقىً على باريهْ

وذلك خيرٌ من الانصراف ... فتحكُم فيك بنُو الزانيهْ

وتصبح إما رهين السُّجون ... وإما قتيلاً على ساقيهْ

قال: فوجد - والله - بعد أيام قتيلاً على ساقية! وهو القائل:

ما لَذةُ العيش عندي غيرُ واحدةٍ ... هي البكورُ إلى بعض المواخيرِ

لخامل الذكر مأمونٍ بوائقهُ ... سهلِ القياد من الفُره المدابيرِ

حتى يحلَّ على دير ابن كافرةٍ ... من النصارى يبيع الخمر مشهورِ

كأنما عَقَد الزُنّار فوق نَقا ... واعتمّ فوق دُجى الظَّلماء بالنورِ

وفيه قال الثروانيّ:

يومي بهيكل دير حنّة لم يزلْ ... غرُّ السَّحاب تجود فيه وتمرعُ

متجوشنٌ طوراً وطوراً شاهراً ... بيض السيوف وتارةً يتدّرعُ

وكذلك قال فيه بكر بن خارجة الكوفي:

ألا سُقي الخورنق من محلٍّ ... ظريفِ الروض مَعشوقٍ أنيقِ!

أقمتُ بدير حنَّتهِ زماناً ... بسُكرٍ في الصَّبوح وفي الغُبُوقِ

ومنّا لابسٌ إكليل زهرٍ ... ومختضبُ السوالف بالخَلُوقِ

كأن رياضَه حُسناً ونَوراً ... سحائب ذُهّبت بسنا البروقِ

كأن تقاطر الأشجار فيه ... إذا غِسَق الظلامُ، قِطارُ نُوقِ

وماذا شِئتَ من دُرّ الأقاحي ... هناك ومن يَواقيتِ الشَّقيقِ

[دير حنة بالحيرة]

دير حنة: في الحيرة قال أبو الفرج: هو دير قديم بناه حي من تنوخ، يقال لهم بنو ساطع، تحاذيه منارة عالية كالمرقب، تسمى القائم، لبني أوس بن عمرو، ثم لبطن منهم يقال لهم، بنو مبرق.

وكان فتيان الحيرة يألفونه ويشربون فيه، وإياه عنى الثرواني بقوله:

يا دير حنة عند القائم الساقي ... إلى الخورنق من دير ابن براقِ

ليس السلّو) وإن أصبحتُ ممتنعاً ... من بغيتي فيك (من شكلي وأخلاقي

سقياً لعافيك من عافٍ معالمه ... قفر وباقيك مثل الوشي من باقي

دير حنة: ذكره أبو نواس:

يا دير حنة من ذات الاكيراح ... من يصحُ عنك فإني لست بالصاحي

وذكر أبو الفرج بن الأصفهاني في كتاب " الديارات ": حنَّة، وأنه غير الذي ذكره أبو نواس، وذكر أن الثرواني قال فيه:

يا دير حنّة عند القائم الساقي ... إلى الخورنق من دير ابن برّاق

[دير حنظلة الطائي]

دير حنظلة الطائي: بالجزيرة قال أبو الفرج: حدثني هاشم بن محمد أبو دلف الخزاعي قال حدثني الرياشي: حدثني أبو المحلّم: دير حنظلة بالجزيرة.

نُسب إلى رجل من طيء يقال له حنظلة بن أبي عفراء بن النعمان ابن حية بن سعنة بن الحارث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سفر بن هني بن عمرو بن الغوث بن طيء.

وحنظلة هو عم إياس بن قبيصة بن أبي عفراء الذي كان ملك الحيرة ومن رهطه أبو زبيد الطائي الشاعر، وكان من شعراء الجاهلية، وكان قد نسك في الجاهلية وتنصر وبنى هذا الدير فعرف به إلى الآن.

وحنظلة هذا هو القائل:

ومهما يكن ريبُ الزمان فإنني ... أرى قمرَ الليل المغرّب كالفتى

يهلُّ صغيراً ثم يعظم ضؤوه ... وصورتُه، حتى إذا ما هو استوى

<<  <   >  >>