للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: بدء الخلق]

اتفقت الكتب السماوية على أن الله تعالى خلق آدم من تراب وخلق منه زوجه وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً، قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ١، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} ٢.

وعلى هذا كتب أهل الكتاب ٣، وهذه النصوص تفيد أن الله تعالى خلق الإنسان نوعاً مستقلاً، لا بطريق النشوء والارتقاء والتطور والاشتقاق من نوع آخر، وهي نظرية "الخلق الدفعي"، أو " تعاقب الخلق" في مقابل النظرية المادية التي تقول: بـ" الخلق المتمهل" أو "المتطور"، وهذه النظرية الأخيرة ظهرت في القرن التاسع عشر، وإن كانت في الحقيقة قد دلت أفكارها قبل ذلك، إلا أنها أخذت دفعة قوية إلى الأمام، فظهرت وانتشرت على أنها حقيقة علمية على يد "داروين" الذي قام عليه رجال الدين في أوربه، وحكموا بكفره وزندقته، لأنه خالف الكتب المقدسة، لأنه لا يمكن


١ سورة آل عمران: الآية (٥٩)
٢ سورة النساء: الآية (١)
٣ انظر: سفر التكوين: ١/ ١ـ٣٠

<<  <   >  >>