للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: القدر والأسباب]

وكما ظهر من تعريف الشيخ رشيد للقدر، فإنه يربط بين القدر والأسباب ربطاً قوياً، حتى جعل الأسباب أو "السنن" داخلة في تعريفه له. فالقدر والتقدير "عبارة عن النظام العام في الخلق الذي تكون فيه الأشياء بقدر أسبابها بحسب السنن، والنواميس العامة التي وضعها الخالق لها، لا ما اشتهر عند الجماهير من الناس من أن المقدر ما ليس له سبب، أو ما يفعله الله على خلاف النظام والسنن، ... ولا يحيط بأسباب الحوادث علماً إلا خالقها ومقدر سببها وسننها" ١.

ويقول في موضع آخر تأكيداً لهذا المعنى: "والقدر عبارة عن جريان الأمور بنظام تأتي فيه الأسباب على قدر المسببات، والحذر من جملة الأسباب فهو عمل بمقتضى القدر لا بما يضاده" ٢.

ومشيئة الله تعالى في خلقه إنما تكون على وفق هذا المبدأ "مبدأ السببية" وعلى وفق السنن التي وضعها الله تعالى للخلق، يقول الشيخ رشيد: "فجاء القرآن يبين للناس أن مشيئة الله تعالى في خلقه إنما تنفذ على سنن حكيمة، وطرائق قويمة، فمن سار على سننه في الحرب ـ مثلاً ـ ظفر


١ الوحي المحمدي (ص: ٢٣٣)
٢ تفسير المنار (٥/ ٢٥٣)

<<  <   >  >>