للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: البعث وأدلته]

[تمهيد]

...

[تمهيد]

يدل على إمكان البعث ووقوعه النقل والعقل والفطرة، وقبل أن نتعرض لمنهج الشيخ رشيد في هذه المسألة، نقف هنا أيضاً ونرى مخالفته للمتكلمين الذين يقولون: إن العلم والدليل على البعث لا يكون إلا سمعياً ١، ويرد عليهم الشيخ رشيد بقوله: "كان الذين ألفوا كتب الكلام على طريق فلسفة اليونان النظرية يرون أن الدليل على البعث لا يكون إلا سمعياً إذ لا يمكن عندهم أن يستدل العقل بأدلة علمية، ولم يفهم هؤلاء قوله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} ٢، وقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ٣، وغيرها من الآيات ... " ٤.

ونقف عند هذه الملاحظة لأنها فرق بين طريقين في إثبات المعاد، الأولى طريقة القرآن الذي بيّن إمكان المعاد أتم بيان، وبين طريقة المتكلمين الذين يعتمدون في إثبات المعاد على السمع مع عدم الامتناع العقلي، وإثبات المعاد بناء على إمكانه الذهني فقط؛ أي أنه ممكن لأنه لو قدر وجوده لم يلزم من تقدير وجوده محال ٥. الحق أن الإمكان الذهني حقيقته عدم العلم بالامتناع، وعدم العلم بالامتناع لا يستلزم العلم بالإمكان الخارجي، وأما القرآن، فلم يكتف في بيان إمكان المعاد بمجرد الإمكان


١ انظر: ابن تيمية: شرح الأصفهانية (ص: ٢١٢)
٢ سورة العراف، الآية (٢٩)
٣ سورة الأنبياء، الآية (١٠٤)
٤ مجلة المنار (١٤/ ١٥٥)
٥ انظر: ابن تيمية: درء التعارض (١/ ٣٠)

<<  <   >  >>