للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث: الإعلال بالطعن في الراوي بشدة الغفلة وعدم التيقظ.

هذا الصنف من الرواة هم الذين كان الغالب على حديثهم المنكر والغلط، وذلك لشدة غفلتهم، فليس لهم من التيقط ما يميزون به الصواب من الخطأ. وقد عرف الحميدي الغفلة التي ترد بها حديث الرضا الذي لا يعرف بكذب فقال: "هو أن يكون في كتابه غلط فيقال له في ذلك فيترك ما في كتابه ويحدث بما قالوا، أو يغيره في كتابه بقولهم، لا يعقل فرق ما بين ذلك، أو يصحف ذلك تصحيفاً فاحشاً يقلب المعنى لا يعقل ذلك، فيكف عنه" (١).

وقد قال الإمام أحمد في أبي قتادة الحراني عبد الله بن واقد: "ما كان به بأس، رجل صالح يشبه أهل النسك والخير، إلا أنه ربما أخطأ"، فقيل له: إنهم يقولون: لم يكن يفصل بين سفيان ويحيى بن أبي أُنيسة. فقال: "باطل، لعله اختلط، أما هو فكان ذكياً" (٢) فنفى الإمام أحمد الغفلة لفطنته، فدل على أن الغفلة سببها قلة الفطنة.

وقد كان الإمام أحمد لا يرى الكتابة عمن هذا حاله. قال لأبي طالب أحمد بن حميد: "لا تكتب عن أبان بن أبي عياش شيئاً، فقال له: كان له هوى؟ قال: كان منكر الحديث" (٣) وأبان بن عياش كما قال أحمد في موضع آخر: "متروك الحديث، ترك الناس حديثه مُذ دهر من الدهور" (٤).


(١) الكفاية في علم الرواية ص ٢٣٣.
(٢) الجرح والتعديل ٥/ ١٩١.
(٣) الجرح والتعديل ٢/ ٢٩٥.
(٤) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ١/ ٤١٢ رقم ٨٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>