للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث السابع: من حدّث في مكان لم تكن معه كتبه فخلط، وحدث في مكان آخر من كتبه فضبط.

من أسباب دخول الأوهام على أحاديث الرواة الذين ضبطوا مروياتهم في الكتب عدم اصطحابهم لكتبهم أو فقدانهم لها في بعض رحلاتهم، فيضطرون للتحديث اعتماداً على الذاكرة، فيقع الوهم بسبب ذلك في مرويات من سمع منهم في تلك الأماكن، والحفاظ لا يحتجون بهذا الضرب من الأحاديث إلا ما توبع رواتها عليها، والفرق بين هذا الصنف من الرواة والذين تقدموا في المطلب السابق ـ وهم من لا يحدث من كتابه فيَهم في حديثه ـ أن هذا الصنف يمكن تحديد الذين سمعوا منهم في الأماكن التي ضعِّف حديثهم فيها بضابط، بخلاف الصنف الآخر الذي لا يمكن الوقوف عليهم إلا بتنصيص من إمام مطلع على من أخذ عن الراوي من حفظه دون كتابه، أو بقرينة أخرى تدل على ذلك.

وقد نبه الإمام أحمد على عدد من الرواة هم أهل حفظ وإتقان لكن حدثوا في بعض البلدان من حفظهم دون كتاب فوقعوا في أوهام، فمنهم:

[١. معمر بن راشد الأزدي]

وكان أصله بصرياً ونزل اليمن، وأقام بها عشرين سنة (١).

قال أحمد في رواية الميموني: "لا تضم إلى معمر أحداً إلا وجدته يتقدمه في الطلب، كان من أطلب أهل زمانه للعلم" (٢).

وسأله المروذي عن معمر، كيف هو في الحديث؟ فقال: "هو ثبت إلا أن


(١) سير أعلام النبلاء ٧/ ٥، ٨.
(٢) تهذيب الكمال ٢٨/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>