للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباحثين (١) ببعضها لتقرير هذه الدعوى وبالتالي إثبات أن ما ذكره الإمام مسلم من أنها إجماع صحيح. وقد ذكرت الجواب عنها بالتفصيل، والأمر المشترك فيها كلها هو ما ذكره ابن رجب في قضية سماع محمد بن سوقة من سعيد بن جبير، وأعيد كلامه، قال: "كأنه يقول: إن الأسود أقدم، لكن قد يكون مستند أحمد أنه وجد التصريح لسماعه منه، وما ذكره من قدم الأسود إنما ذكره ليستدل به على صحة قول من ذكر سماعه من سعيد بن جبير، فإنه كثيراً ما يرِدُ التصريح بالسماع ويكون خطأ"، فلله درّ الحافظ ابن رجب! ما أتم استقرائه لكلام أحمد! وما أعرفه بمنهجه!

وممن ذهب إلى اشتراط ثبوت السماع الإمام الشافعي، فقد ذكر في الرسالة: "لم يعرف التدليس ببلدنا فيمن مضى، ولا من أدركنا من أصحابنا، إلا حديثاً، فإن منهم من قبله عمن لو تركه عليه كان خيراً له. وكان قول الرجل: سمعت فلاناً يقول: سمعت فلاناً وقوله: حدثني فلان عن فلان سواء عندهم، لا يحدث واحد منهم عمن لقي إلا ما سمع، فمن عرفناه بهذه الطريق قبلنا منه حدثني فلان عن فلان، ومن عرفناه دلّس مرة فقد أبان لنا عورتَه في روايته … فقلنا: لا نقبل من مدلّسٍ حديثاً حتى يقول فيه: حدثني أو سمعت" (٢). وكذلك أضاف الحافظ ابن رجب هذا القول إلى أبي حاتم وأبي زرعة (٣).

وهذا المذهب أشد من مذهب البخاري وعلي بن المديني، وهو اشتراط إمكان السماع، وذلك بأحد أمرين: السماع أو اللقاء (٤).


(١) وهو الشريف حاتم بن عارف العوني في كتابه "إجماع المحدثين على عدم اشتراط العلم بالسماع في الحديث المعنعن بين المتعاصرين".
(٢) الرسالة ص ٣٧٨ - ٣٨٠، وانظر: شرح علل الترمذي ٢/ ٥٨٥ - ٥٨٦.
(٣) شرح علل الترمذي ٢/ ٥٩٠.
(٤) المصدر نفسه ٢/ ٥٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>