للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النظام السياسيّ الإسلاميّ:

لا ينتظرن أحد أن نقدم له منهجًا مفصلًا لنظام سياسيٍّ إسلاميٍّ, فذاك لا يمكن قبل أن تقوم دولة الإسلام، ولا ينتظرن أحد أن نقدم صورًا من التاريخ الإسلاميّ, فذاك موضع دراسة أخرى.

إنما نقدم -بمشيئة الله- تخطيطًا لنظام سياسيٍّ إسلاميٍّ, يحوى خطوطه الرئيسية التي لا يصح -إن تخلفت كلها أو بعضها- أن يقال عن نظامٍ ما, أنه نظام إسلاميٌّ.

ونحن في هذا -بإذن الله -نقدم شيئًا بدون دليل, وفي اعتقادنا, أنه يلزم لنظام سياسيٍّ إسلاميٍّ ثلاثة خطوط:

أولها: شرعية الإسلام تظله.

ثانيها: أمة تحمله.

ثالثها: سلطة تحميه.

ونتناول كلًّا بكلمة:

أولًا: الشرعية الإسلامية

قد يظن أن هذا اللفظ مستعار من أنظمة أجنبية, لكن المتأمل يجد أنه في الأصل لفظ إسلاميّ من ناحية اشتقاقه, ثم من ناحية دلالته؛ فنحن أسبق من غيرنا إلى الشرعية، وأرسخ قدمًا والحمد لله, فالشرعية اشتقاق من فعل شرع, وبين الشرعية والشريعة جناس كامل من ناحية اللفظ, وكذلك من ناحية المعنى.

ففي فقه الإسلام لا شرعية بغير شريعة {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} ١, {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} ٢.

وحتى تظل الشرعية الإسلامية نظامًا ما لابد من ثلاثة شروط:

أولها: أن يكون لله الشرع ابتداءً:

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ


١ الجاثية ١٨.
٢ الشورى ٢١.

<<  <   >  >>