للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واليهودية والمسلمين يعتقد جميعهم بالوحي الإلهيّ، فالمسلمون يعتقدون نبوة موسى وعيسى, ولكنهم يعتقدون كما اعتقد بأنه دخل التحريف والتشويه على كتب الديانتين، وهم يعتقدون بأن محمدًا خاتم الأنبياء، وأنه أوضح في القرآن تعاليم موسى وعيسى, كما قالاها دون زيادة ولا نقص, وينتهي بالحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث الإكبار والتعظيم، وكان مما قاله تولستوي: "لا ريب أن هذا النبيّ من كبار الرجال المصلحين, الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمةً جليلةً، ويكفيه فخرًا أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح للسلام، وتكف عن سفك الدماء، وتقديم الضحايا، ويكفيه فخرًا أنه فتح طريق الرقيّ والتقدم، وهذا عملٌ عظيمٌ لا يفوز به إلّا شخص أولي قوة وحكمة وعلمًا، ورجل مثله جدير بالاحترام والإجلال"، وقد كان جزاؤه على كلمة الحق التي قالها أن حرمه البابا من الرحمة١.

ومن المستشرقين الذين انتهى بهم البحث عن الحقِّ إلى الإسلام: اللورد هيدلي، واتيين دينيه -ناصر الدين- والشاعر الألماني الكبير: جوتيه، والدكتور جرينييه, الذي كان عضوًا في مجلس النواب الفرنسيّ، وقد سئل عن سبب إسلامه فقال: "إني تتبعت كل الآيات القرآنية التي لها ارتباط بالعلوم الطبية والصحية والطبيعية, والتي درستها من صغري، وأعلمها جيدًا، فوجدت هذه الآيات منطبقة كل الانطباق على معارفنا الحديثة، فأسلمت لأني تيقنت أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أتى بالحق الصراح, من قبل ألف سنة، من قبل أن يكون له معلم, أو مدرس من البشر، ولو أن كل صاحب فن من الفنون، أو علم من العلوم قارن كل الآيات القرآنية المرتبطة بما تعلم جيدًا, كما قارنت أيضًا، لأسلم بلا شكٍّ, إن كان عاقلًا خاليًا من الأغراض"٢.

وصدق الله العظيم {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق} ٣.


١ التبشير والاستشراق: أحقاد وحملات" للمستشار محمد عزت إسماعيل الطهطاوي ص٥٩-٦٢.
٢ المرجع السابق ص ٦٧ و"أوربا والإسلام" للدكتور عبد الحليم محمود.
٣ فصلت ٥٣.

<<  <   >  >>