للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: تقطيع أوصال دولة الخلافة

بغرم كل ما أحدثه التبشير من تخريب, لم يتخلَّ الغرب المسيحيّ عن العنف تأييدًا لهذا التخريب العقلي والقلبي, بالسند العسكريّ والسياسيّ، وإسهامًا بهذه الوسيلة في تحقيق نفس الغاية.

واتفقت الدولتان العظيمتان في ذلك الحين على تقطيع أوصال دولة الخلافة وتوزيع الأسلاب بينهما..

ففي منتصف القرن التاسع عشر سنة ١٢٧٤هـ-١٨٥٧م, تم استيلاء انجلترا على الهند, وانتقلت السلطة من شركة الهند الشرقية إلى التاج البريطاني، وزالت بذلك إحدى الدول الإسلامية الكبرى التي قامت في مستهلِّ القرن السادس عشر -دولة المغول في الهند, أو الدولة التيمورية نسبة إلى مؤسسها تيمورلنك.

وفي نفس السنة, كانت جيوش فرنسا تستكمل احتلال صحراء الإسلام الغربية التي بدأت باحتلال الجزائر سنة ١٢٤٦هـ-١٨٣٠م.

وبعد ذلك بقليل كان اقتطاع انجلترا لدرةٍ من دور الخلافة, كان احتلال مصر المسلمة سنة ١٣٠٠هـ -١٨٨٢م.

ثم كان اقتطاع سورية ولبنان, واحتلال فرنسا لهما بعد الحرب العالمية الأولى, سنة ١٣٢٨هـ -١٩٢٠م, ومع بوارج القتال كانت بارجة تحمل "مومسات" ولما سُئِلَ القائد في دهشة, أجاب إجابة العالم ببواطن الأمور: إن تلك البوارج قد يزول أثرها, أما هذه البارجة, فإن أثرها لن يزول.

وقبل ذلك كانت جيوش إيطاليا تخترق البحر تجاه أراضي ليبيا, ترفع نشيدًا فاشستيا مجرمًا, يندد بالقرآن, ويهزأ بالإسلام, ويتوعد أمته بالسحق والفناء, جاء فيه: يا أماه! أتمي صلاتك ولا تبكي, بل اضحكى وتأملي, ألا تعلمين أن إيطاليا تدعوني وأنا ذاهب إلى طرابلس فرحًا مسرورًا لأبذل دمي لسحق الأمة الملعونة, ولأحارب الديانة الإسلامية التي تجيز البنات الأبكار للسلطان, سأقاتل بكل


١ الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربيّ, الدكتور محمد البهيّ.

<<  <   >  >>