للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: موانع التكفير

مما يدرأ عن المسلم التكفير إذا التبس فعله أو قوله أو اعتقاده الكفري بمانع من الموانع التالية:

١ - الجهل

جهل المسلم بالحكم الشرعي في الأمر الكفري الذي قارفه مما يدفع عنه الكفر. ويستدلون لذلك بما رواه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الرجل الذي قال لأبنائه: "إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في الريح في البحر فو الله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا"، قال: ففعلوا ذلك به، فقال للأرض: "أدي ما أخذت"، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت، فقال: خشيتك يا رب فغفر له بذلك" ١.

فهذا الرجل جهل عظيم قدرة الله عز وجل وفعل ما فعل من خشية الله عز وجل فغفر الله له جهله.

وكذلك حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم ... " ٢.

فحداثة إسلامهم وجهلهم منعت من تكفيرهم ولم تمنع من الحكم على القول بأنه من جنس قول قوم موسى لموسى: اجعل لنا إلها.

وكذلك حديث حذيفة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدرس الإسلام كما يدرس وَشيُ الثوب ٣،حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسري على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف


١ البخاري في التوحيد ١٣/٤٦٦، ومسلم في التوبة ٨/٩٨ من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
٢ أخرجه الترمذي في الفتن ٢١٨١ وقال حديث حسن صحيح.
٣ وشي الثوب يعني ألوانه التي يحسن بها. اللسان ١٥/٣٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>