للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى قول الماتن فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته]

...

قوله:

وهذا يتبين بالأصل الثاني وهو أن يقال:" القول في الصفات كالقول في الذات" فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات، فإذا قال: كيف استوى على العرش؟ قيل له: كما قال ربيعة ومالك وغيرهما رضي الله عنهما،" الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عن الكيفية بدعة " لأنه سؤال عما لا يعلمه البشر، ولا يمكنهم الإجابة عنه.

وكذلك إذا قال: كيف ينزل ربنا إلى السماء الدنيا؟ قيل له: كيف هو؟ فإذا قال لا أعلم كيفيته، قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله، إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له وتابع له، فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره، وتكليمه، واستوائه ونزوله، وأنت لا تعلم كيفية ذاته، وإذا كنت تقر بأن له حقيقة ثابتة في نفس الأمر مستوجبة لصفات الكمال لا يماثلها شيء، فسمعه وبصره وكلامه، ونزوله واستواءه، ثابت في نفس الأمر، وهو متصف بصفات الكمال التي لا يشابهه فيها سمع المخلوقين وبصرهم وكلامهم، ونزولهم واستواؤهم.

ش: الإشارة في قوله: وهذا يتبين، راجعة إلى ما ذكر في الأصل الأول من أنه لا فرق بين بعض الصفات والبعض الآخر، وأن الله تبارك وتعالى، مسمى بأسماء حسنى، وموصوف بصفات عليا، مع نفي مماثلته لخلقه، وأن إثبات ذلك ليس بتشبيه بل هو محض التوحيد، وأن ما يمتاز به الخالق أعظم مما يخطر ببال أو يدور بخيال. وقوله:" القول في الصفات كالقول في الذات "يعني من حيث الثبوت ونفي المماثلة وعدم العلم بالكيفية: فكما أن ذات الله ثابتة بحقيقة الإثبات، فالصفات ثابتة أيضا

<<  <  ج: ص:  >  >>