للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وأورده الذهبي في العلو ص ٦٥، وقال: فأما عن أم سلمة فلا يصح لأن أبا كنانة ليس بثقة، وأبو عمير لا أعرفه. انظر ترجمة أبي كنانة في الميزان ٣/٤٨٥.
أقول: يتشبث بعض المبتدعة بمثل ما روي عن أم سلمة، وما سيأتي مما هو ثابت عن ربيعة وعن الإمام مالك في إسناد رأيهم القائل بأن مذهب السلف هو التفويض، ويقولون: إنه لا معنى لهذه العبارات وأمثالها مما روي عن السلف إلا أنهم يرون التفويض في صفة الاستواء وغيرها من الصفات، والتفويض يعني أن نؤمن بالألفاظ ونتوقف عن معرفة المعنى، إذ لا سبيل لنا إليه -على حد زعمهم-.
وممن ذهب إلى القول بأن مذهبهم التفويض السيوطي، حيث قال: وجمهور أهل السنة منهم السلف، وأهل الحديث على الإيمان بها، وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى، ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها. ونقل السيوطي الرأي نفسه عن الرازي. انظر: الإتقان في علوم القرآن ٢/٦.
وممن نسب التفويض إلى السلف الزرقاني في مناهل العرفان حيث قال: مذهب السلف ويسمى مذهب التفويض ... وهو تفويض معاني هذه المتشابهات إلى الله وحده، بعد تنزيهه تعالى عن ظواهرها المستحيلة. انظر: مناهل العرفان ٢/١٨٢-١٨٣.
إلا أن هذا الادعاء باطل، فعبارتهم المأثورة عنهم في إثبات الصفات الإخبارية عامة، وصفة الاستواء خاصة إنما تدل على الإثبات الحقيقي لتلك الصفة، وفق ما تضمنه النص المثبت للصفة من معنى، مع الجزم بعد المشابهة في ذلك بين الخالق والمخلوق. وهذا هو مذهب السلف القويم، وما قيل سوى هذا إنما هولي لعباراتهم وتحميل لها بما لا تدل عليه من أجل إسناد المبتدع لبدعته بما هو أوهى وأوهن من خيط العنكبوت.
يقول الإمام ابن تيمية موضحا بطلان هذه الادعاء: وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف، أما في كثير من الصفات فقطعا، مثل أن الله فوق العرش، فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم.. علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله فوق العرش حقيقة، وأنهم ما قصدوا خلاف هذا قط، وكثير منهم قد صرح في كثير من الصفات بمثل ذلك ... إلى أن قال -رحمه الله-: ما رأيت أحدا منهم نفاها، وإنما ينفون التشبيه، وينكرون على المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه، مع إنكارهم على من نفى الصفات أيضا.
الحموية الكبرى ضمن مجموعة الرسائل الكبرى ١/٤٧٠-٤٧١.

<<  <   >  >>