للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه بالأندلس، قال: كان بسوسة إفريقية رجل أديب شاعر، وكان يهوى غلاماً جميلاً [من غلمانها وكان] كلفاً به وكان الغلام يتجنى عليه ويعرض عنه، قال: فبينما هو ذات ليلة منفرداً، يشرب وحده على ما [أخبر] عن نفسه، وفد عليه غالب من السكر إذ خطر بباله أن يأخذ قبس نار ويحرق داره عليه لتجنيه عليه، فقام من حينه وأخذ قبساً فجعله عند باب الغلام فاشتعل ناراً، واتفق أن رآه بعض الجيران فبادروا النار بالإطفاء، فلما أصبحوا نهضوا إلى القاضي فأعلموه، فأحضر القاضي وقال له: لأي شيء أحرقت باب هذا فأنشأ يقول:

لما تمادى على بعادي ... وأضرم النار في فؤادي

ولم أجد من هواه بدا ... ولا معيناً على السهاد

حملت نفسي على وقوفي ... ببابه حملي الجواد

فطار من بعض نار قلبي ... أقل في الوصف من زناد

فأحرق الباب دون علمي ... ولم يكن ذاك عن مراد

قال: فاستطرفه القاضي، وتحمل عنه ما أفسد، وأخذ عليه ألا يعود وخلى سبيله أو كما قال.

قال الحميدي: وكنت أظن أن هذا المعنى الذي ذكر هذا الشاعر في شعره مما تفرد به، حتى حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني بالفسطاط، قال: قال لنا القاضي أبو الحسن بن صخر، أخبرني بعض شيوخ البصريين، أنا أبا القاسم نصر بن أحمد الخيزراني الشاعر، دخل على أبي الحسن بن المثنى في إثر حريق المربد فقال له: قلت في هذا شيئاً، فقال: ما قلت

<<  <   >  >>