للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قُلْت: أَهْلُ اللُّغَةِ إنَّمَا وَضَعُوا هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِمَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَخْلُوقُ فَلَا يَكُونُ حَقِيقَةً فِي غَيْرِ ذَلِكَ. قُلْت: وَلَكِنَّ هَذَا خَطَأٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَمِ: مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ وَبِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَاتِ فَضْلًا عَنْ أَهْلِ الشَّرَائِعِ وَالدِّيَانَاتِ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ لَفْظَ الْوَجْهِ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً فِي وَجْهِ الْإِنْسَانِ دُونَ وَجْهِ الْحَيَوَانِ وَالْمَلَكِ وَالْجِنِّيِّ أَوْ لَفْظَ الْعِلْمِ إنَّمَا اُسْتُعْمِلَ حَقِيقَةً فِي عِلْمِ الْإِنْسَانِ دُونَ عِلْمِ الْمَلَكِ وَالْجِنِّيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ بَلْ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَسْمَاءَ الصِّفَاتِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ بِحَسَبِ مَا تُضَافُ إلَيْهِ؛ فَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ أَنَّ نِسْبَةَ كُلِّ صِفَةٍ إلَى مَوْصُوفِهَا كَنِسْبَةِ تِلْكَ الصِّفَةِ إلَى مَوْصُوفِهَا فَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ النِّسْبَةُ فَنِسْبَةُ عِلْمِ الْمَلَكِ وَالْجِنِّيِّ وَوُجُوهِهِمَا إلَيْهِ كَنِسْبَةِ عِلْمِ الْإِنْسَانِ وَوَجْهِهِ إلَيْهِ وَهَكَذَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.