للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِنَفْسِهَا قَدْ تُفِيدُ الْعِلْمَ لَمْ تُجْعَلْ تَابِعَةً لِلْخَبَرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا لَمْ يُجْعَلْ الْخَبَرُ تَابِعًا لَهَا بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا طَرِيقٌ إلَى الْعِلْمِ تَارَةً وَإِلَى الظَّنِّ أُخْرَى وَإِنْ اتَّفَقَ اجْتِمَاعُ مَا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِهِ مِنْهُمَا أَوْ اجْتِمَاعُ مُوجَبِ الْعِلْمِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَمُوجَبُ الظَّنِّ مِنْ الْآخَرِ وَكُلُّ مَنْ كَانَ بِالْأَخْبَارِ أَعْلَمَ قَدْ يَقْطَعُ بِصِدْقِ أَخْبَارٍ لَا يَقْطَعُ بِصِدْقِهَا مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ وَتَارَةً يَخْتَلِفُونَ فِي كَوْنِ الدَّلَالَةِ قَطْعِيَّةً لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ: هَلْ هُوَ نَصٌّ أَوْ ظَاهِرٌ؟ وَإِذَا كَانَ ظَاهِرًا فَهَلْ فِيهِ مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ أَوْ لَا؟ وَهَذَا أَيْضًا بَابٌ وَاسِعٌ فَقَدْ يَقْطَعُ قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِدَلَالَةِ أَحَادِيثَ لَا يَقْطَعُ بِهَا غَيْرُهُمْ إمَّا لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْآخَرَ يَمْنَعُ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ. وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ فَهَذَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَضَمَّنَ حُكْمًا عِلْمِيًّا مِثْلَ الْوَعِيدِ وَنَحْوِهِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ: فَذَهَبَ طَوَائِفُ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ إذَا تَضَمَّنَ وَعِيدًا عَلَى فِعْلٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ فِي الْوَعِيدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَطْعِيًّا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَتْنُ قَطْعِيًّا لَكِنَّ الدَّلَالَةَ ظَاهِرَةٌ وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا قَوْلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَبْلِغِي