للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَعْلُومٌ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ أَعْلَمُ هَذِهِ الطَّبَقَةِ فِي الْحَدِيثِ مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي الْفِقْهِ وَالزُّهْدِ وَاَلَّذِينَ أَنْكَرُوا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَغَيْرِهِمْ مَا أَنْكَرُوا مِنْ الرَّأْيِ الْمُحْدَثِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بَلْ سُفْيَانُ عِنْدَهُمْ أَمَامُ الْعِرَاقِ فَتَفْضِيلُ أَحْمَد لِمَذْهَبِ مَالِكٍ عَلَى مَذْهَبِ سُفْيَانَ تَفْضِيلٌ لَهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد فِي عِلْمِهِ وَعِلْمِ مَالِكٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ مَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّ أَحْمَد يُقَدِّمُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ عَلَى هَذِهِ الطَّبَقَةِ كُلِّهَا وَهُوَ يُعَظِّمُ سُفْيَانَ غَايَةَ التَّعْظِيمِ وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعُلَمَائِهَا أَقْرَبُ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَعُلَمَائِهَا. وَأَحْمَد كَانَ مُعْتَدِلًا عَالِمًا بِالْأُمُورِ يُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ يُحِبُّ الشَّافِعِيَّ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ وَيَذُبُّ عَنْهُ عِنْدَ مَنْ يَطْعَنُ فِي الشَّافِعِيِّ؛ أَوْ مَنْ يَنْسُبُهُ إلَى بِدْعَةٍ وَيَذْكُرُ تَعْظِيمَهُ لِلسُّنَّةِ وَاتِّبَاعَهُ لَهَا وَمَعْرِفَتَهُ بِأُصُولِ الْفِقْهِ كَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ؛ وَالْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ وَيُثْبِتُ خَبَرَ الْوَاحِدِ وَمُنَاظَرَتَهُ عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَنْ خَالَفَهُ بِالرَّأْيِ وَغَيْرَهُ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: سَمَّوْنِي بِبَغْدَادَ نَاصِرَ الْحَدِيثِ. وَمَنَاقِبُ الشَّافِعِيِّ وَاجْتِهَادُهُ فِي اتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ وَاجْتِهَادُهُ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ كَثِيرٌ جِدًّا وَهُوَ كَانَ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَكَانَ قَدْ تَفَقَّهَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَكِّيِّينَ أَصْحَابُ ابْنُ جريج