للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَثْنَاءِ كَلَامِهِ: وَخَالَفْنَا بَعْضَ الْمَشْرِقِيِّينَ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَاحِدًا مِنْهُمْ يُنْسَبُ إلَى أَصْحَابِهِمْ وَاخْتَارَ سُكْنَى مِصْرَ إذْ ذَاكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ يُشْبِهُهُمْ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ كَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَمْثَالِهِ وَكَانَ أَهْلُ الْغَرْبِ بَعْضُهُمْ عَلَى مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الأوزاعي وَأَهْلِ الشَّامِ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَدِينَةِ مُتَقَارِبٌ لَكِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَجَلُّ عِنْدَ الْجَمِيعِ. ثُمَّ إنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْعِلْمِ وَرَأَى مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَدِلَّةِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُهُ وَإِنْ خَالَفَ قَوْلَ أَصْحَابِ الْمَدَنِيِّينَ؛ قَامَ بِمَا رَآهُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَصَنَّفَ الْإِمْلَاءَ عَلَى مَسَائِلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَظْهَرَ خِلَافَ مَالِكٍ فِيمَا خَالَفَهُ فِيهِ وَقَدْ أَحْسَنَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا فَعَلَ وَقَامَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ كَرِهَ ذَلِكَ مَنْ كَرِهَهُ وَآذَوْهُ وَجَرَتْ مِحْنَةٌ مِصْرِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ. وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هُمَا صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَهُمَا مُخْتَصَّانِ بِهِ كَاخْتِصَاصِ الشَّافِعِيِّ بِمَالِكِ وَلَعَلَّ خِلَافَهُمَا لَهُ يُقَارِبُ خِلَافَ الشَّافِعِيِّ لِمَالِكِ وَكُلُّ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلدَّلِيلِ وَقِيَامًا بِالْوَاجِبِ. وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَرَّرَ أُصُولَ أَصْحَابِهِ وَالْكِتَابَ