للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِبَاحَتُهَا لِلْمُضْطَرِّ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ بَقَاءِ النَّفْسِ مُقَدَّمٌ عَلَى دَفْعِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ عَارِضٌ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَعَ الْحَاجَةِ الشَّدِيدَةِ أَثَرًا يَضُرُّ. وَأَمَّا الظُّلْمُ فَمُحَرَّمٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَحَرَّمَهُ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ وَجَعَلَهُ مُحَرَّمًا عَلَى عِبَادِهِ. وَحَرَّمَ الرِّبَا لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلظُّلْمِ فَإِنَّهُ أَخْذُ فَضْلٍ بِلَا مُقَابِلٍ لَهُ وَتَحْرِيمُ الرِّبَا أَشَدُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْمَيْسِرِ الَّذِي هُوَ الْقِمَارُ؛ لِأَنَّ الْمُرَابِيَ قَدْ أَخَذَ فَضْلًا مُحَقَّقًا مِنْ مُحْتَاجٍ وَأَمَّا الْمُقَامِرُ فَقَدْ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلٌ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ وَقَدْ يَقْمُرُ هَذَا هَذَا وَقَدْ يَكُونُ بِالْعَكْسِ.

{وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ؛ وَعَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَبَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ} وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ نَوْعُ مُقَامَرَةٍ وَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَيَدْخُلُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ كَمَا أَرْخَصَ فِي ابْتِيَاعِهَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مُبْقَاةً إلَى كَمَالِ الصَّلَاحِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَجْزَائِهَا لَمْ يُخْلَقْ وَكَمَا أَرْخَصَ فِي ابْتِيَاعِ النَّخْلِ الْمُؤَبَّرِ مَعَ جَدِيدِهِ إذَا اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ وَهُوَ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَهَذَا جَائِزٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الشَّجَرِ الَّذِي فِيهِ ثَمَرٌ ظَاهِرٌ وَجَعَلَ لِلْبَائِعِ ثَمَرَةَ النَّخْلِ الْمُؤَبَّرِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْهَا الْمُشْتَرِي فَتَكُونُ الشَّجَرَةُ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ يَنْتَفِعُ بِهَا بِإِبْقَاءِ ثَمَرِهِ عَلَيْهَا إلَى حِينِ الْجِذَاذِ.