للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْتِيفَائِهَا وَكَذَلِكَ الثِّمَارُ لَا تُبَاعُ عَلَى الْأَشْجَارِ بَعْدَ الْجِذَاذِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ الْمَنْقُولِ. وَالسُّنَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْقَادِرِ عَلَى الْقَبْضِ وَغَيْرِ الْقَادِرِ فِي الضَّمَانِ وَالتَّصَرُّفِ فَأَهْلُ الْمَدِينَةِ أَتْبَعُ لِلسُّنَّةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ كُلِّهِ وَقَوْلُهُمْ أَعْدَلُ مِنْ قَوْلِ مَنْ يُخَالِفُ السُّنَّةَ. وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرٌ مِثْلَ بَيْعِ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ: مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ جَوَّزَ بَيْعَهَا مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تُوصَفْ وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ بَيْعَهَا مَعَ الْوَصْفِ؛ وَمَالِكٌ جَوَّزَ بَيْعَهَا مَعَ الصِّفَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَهَذَا أَعْدَلُ. وَالْعُقُودُ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَوْجَبَ فِيهَا الْأَلْفَاظَ وَتَعَاقَبَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ جَعَلُوا الْمَرْجِعَ فِي الْعُقُودِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَتِهِمْ فَمَا عَدَّهُ النَّاسُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ وَمَا عَدُّوهُ إجَارَةً فَهُوَ إجَارَةٌ وَمَا عَدُّوهُ هِبَةً فَهُوَ هِبَةٌ وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَعْدَلُ فَإِنَّ الْأَسْمَاءَ مِنْهَا مَا لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. وَمِنْهَا مَا لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ. وَمِنْهَا مَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ لَا فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ بَلْ يَرْجِعُ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يَحُدَّهَا الشَّارِعُ وَلَا لَهَا حَدٌّ فِي اللُّغَةِ؛ بَلْ يَتَنَوَّعُ ذَلِكَ