للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي عَقْدٍ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَحْصُلُ بِعَقْدِ وَلَا تَحْصُلُ الْقِسْمَةُ بِعَقْدِ. وَأَحْمَد تَحْصُلُ الشَّرِكَةُ عِنْدَهُ بِالْعَقْدِ وَالْقِسْمَةُ بِالْعَقْدِ فَيُجَوِّزُ شَرِكَةَ الْعَنَانِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَالَيْنِ وَعَدَمِ الِاخْتِلَاطِ وَإِذَا تَحَاسَبَ الشَّرِيكَانِ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ إفْرَازٍ كَانَ ذَلِكَ قِسْمَةً حَتَّى لَوْ خَسِرَ الْمَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تُجْبَرْ الْوَضِيعَةُ بِالرِّبْحِ. وَالشَّافِعِيُّ لَا يُجَوِّزُ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ وَلَا الْوُجُوهِ وَلَا الشَّرِكَةَ بِدُونِ خَلْطِ الْمَالَيْنِ وَلَا أَنْ يَشْتَرِطَ لِأَحَدِهِمَا رِبْحًا زَائِدًا عَلَى نَصِيبِ الْآخَرِ مِنْ مَالِهِ إذْ لَا تَأْثِيرَ عِنْدَهُ لِلْعَقْدِ وَجَوَّزَ الْمُضَارَبَةَ وَبَعْضَ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةَ تَبَعًا لِأَجْلِ الْحَاجَةِ لَا لِوَفْقِ الْقِيَاسِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ نَفْسُهُ فَلَا يُجَوِّزُ مُسَاقَاةً وَلَا مُزَارَعَةً؛ لِأَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمُؤَاجَرَةِ وَالْمُؤَاجَرَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ. وَمَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْسَعُ مِنْهُمَا حَيْثُ جَوَّزَ الْمُسَاقَاةَ عَلَى جَمِيعِ الثِّمَارِ مَعَ تَجْوِيزِ الْأَنْوَاعِ مِنْ الْمُشَارَكَاتِ الَّتِي هِيَ شَرِكَةُ الْعَنَانِ وَالْأَبْدَانِ لَكِنَّهُ لَمْ يُجَوِّزْ الْمُزَارَعَةَ عَلَى الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ مُوَافَقَةً لِلْكُوفِيِّينَ. وَأَمَّا قُدَمَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هُمْ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَكَانُوا