للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُجَوِّزُونَ هَذَا كُلَّهُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ؛ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ؛ وَمُحَمَّدٍ؛ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ. وَالشُّبْهَةُ الَّتِي مَنَعَتْ أُولَئِكَ الْمُعَامَلَةَ: أَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ إجَارَةٌ وَالْإِجَارَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ ثُمَّ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْمُضَارَبَةَ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ؛ إذْ الدَّرَاهِمُ لَا تُؤَجَّرُ. وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ مِنْ نَفْسِ الْمُشَارَكَاتِ لَا مِنْ جِنْسِ الْمُعَاوَضَاتِ؛ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَقْصِدُ اسْتِيفَاءَ الْعَمَلِ كَمَا يَقْصِدُ اسْتِيفَاءَ عَمَلِ الْخَيَّاطِ وَالْخَبَّازِ وَالطَّبَّاخِ وَنَحْوِهِمْ وَأَمَّا فِي هَذَا الْبَابِ فَلَيْسَ الْعَمَلُ هُوَ الْمَقْصُودَ بَلْ هَذَا يَبْذُلُ نَفْعَ بَدَنِهِ وَهَذَا يَبْذُلُ نَفْعَ مَالِهِ لِيَشْتَرِكَا فِيمَا رَزَقَ اللَّهُ مِنْ رِبْحٍ فَإِمَّا يَغْنَمَانِ جَمِيعًا أَوْ يَغْرَمَانِ جَمِيعًا وَعَلَى هَذَا {عَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ أَنْ يَعْمُرُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ} . وَاَلَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كِرَاءِ الْمُزَارَعَةِ فِي حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَغَيْرِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ؛ فَإِنَّهُ {نَهَى أَنْ يُكْرَى بِمَا تُنْبِتُ الماذيانات وَالْجَدَاوِلُ وَشَيْءٌ مِنْ التِّبْنِ} فَرُبَّمَا غَلَّ هَذَا وَلَمْ يَغُلَّ هَذَا فَنَهَى أَنْ يُعَيِّنَ الْمَالِكُ زَرْعَ بُقْعَةٍ بِعَيْنِهَا كَمَا نَهَى فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يُعَيِّنَ الْعَامِلُ مِقْدَارًا مِنْ الرِّبْحِ وَرِبْحَ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ